responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 5  صفحه : 109
وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ يَجُوزُ بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالْحِنْطَةِ مُتَمَاثِلًا، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ تَمَاثُلِهِ. فَقَالَ مَالِكٌ. يَصِحُّ تَمَاثُلُهُ بِالْكَيْلِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: لَا يَصِحُّ تَمَاثُلُهُ إِلَّا بِالْوَزْنِ.
فَأَمَّا من ذهب إلى جِنْسَانِ وَجَوَّزَ التَّفَاضُلَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَبُو ثَوْرٍ والكرابيسي هَذِهِ الرِّوَايَةِ. فَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِشَيْئَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الدَّقِيقَ لَا يَصِيرُ حِنْطَةً أَبَدًا، وَلَا شَيْءَ أَبْلَغُ فِي تَنَافِي التَّجَانُسِ مِنْ هَذَا.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ حِنْطَةً فَأَكَلَ دَقِيقًا أَوْ لَا يَأْكُلُ دَقِيقًا فَأَكَلَ حِنْطَةً لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ كَانَا جِنْسًا وَاحِدًا لَحَنِثَ بِأَكْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
فَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ إِلَى جِنْسٌ وَاحِدٌ وَإِنَّ الْمُمَاثَلَةَ بَيْنَهُمَا حَاصِلَةٌ إِمَّا بِالْكَيْلِ أَوْ بِالْوَزْنِ عَلَى حَسْبِ اخْتِلَافِهِمْ فِيهِ، فَاسْتَدَلَّ بِأَنَّ الدَّقِيقَ حِنْطَةٌ مُتَفَرِّقَةُ الْأَجْزَاءِ وَتَفْرِيقُ أَجْزَائِهَا يُحْدِثُ فِيهَا خِفَّةً فِي الْمِكْيَالِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنَ التَّسَاوِي كَمَا لَوْ بَاعَ الْحِنْطَةَ خَفِيفَةَ الْوَزْنِ بِكَيْلِهَا حِنْطَةً ثَقِيلَةَ الْوَزْنِ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ جَوَازِ الْبَيْعِ، وَإِنْ عَلِمَ اخْتِلَافَهُمَا فِي الْوَزْنِ إِذَا تَسَاوَيَا فِي الْكَيْلِ، كَذَلِكَ الدَّقِيقُ بِالْحِنْطَةِ.
وَالدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ الدَّقِيقَ وَالْحِنْطَةَ جِنْسٌ وَاحِدٌ هُوَ أَنَّ الدَّقِيقَ نَفْسُ الْحِنْطَةِ وَإِنَّمَا تَفَرَّقَتْ أَجْزَاؤُهَا، وَلَيْسَ تَفَرُّقُ أَجْزَائِهَا بِمُخْرِجٍ لَهَا مِنْ جِنْسِهَا كَصِحَاحِ الدَّرَاهِمِ وَمَكْسُورِهَا فَإِنْ قِيلَ مَكْسُورُ الدَّرَاهِمِ يَصِيرُ صِحَاحًا بِالسَّبْكِ، وَالدَّقِيقُ لَا يَصِيرُ حِنْطَةً أَبَدًا. قُلْنَا: لَيْسَ اخْتِلَافُ الشَّيْءِ بِتَنَقُّلِ أَحْوَالِهِ الَّتِي لَا يَعُودُ إِلَيْهَا يُوجِبُ اخْتِلَافَ جِنْسِهِ فَإِنَّ التَّيْسَ لَا يَعُودُ جَدْيًا، وَالتَّمْرَ لَا يَعُودُ رُطَبًا، وَالرُّطَبَ لَا يَعُودُ بُسْرًا ثُمَّ لَا يَدُلُّ انْتِقَالُهُ إِلَى الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ وَتَعَذُّرُ عَوْدِهِ إِلَى الْحَالِ الْأَوَّلِ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَجْنَاسِ، بَلِ التَّمْرُ مِنْ جِنْسِ الرُّطَبِ وَإِنْ لَمْ يَصِرْ رُطَبًا، كَذَلِكَ الدَّقِيقُ مِنْ جِنْسِ الْحِنْطَةِ وَإِنْ لَمْ يَصِرْ حِنْطَةً.
فَأَمَّا الْأَثْمَانُ فَمَجْهُولَةٌ عَلَى عُرْفِ الْأَسَامِي، وَالرِّبَا مَحْمُولٌ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَعَانِي، فَلَمْ يَجُزِ اعْتِبَارُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ. أَلَا تَرَاهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رُطَبًا فَأَكَلَ تَمْرًا لَمْ يَحْنَثْ، وَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ التَّمْرَ وَالرُّطَبَ جِنْسَانِ.
فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الدَّقِيقَ وَالْحِنْطَةَ جِنْسٌ وَاحِدٌ حَرُمَ التَّفَاضُلُ فِيهِ وَلَمْ يَصِحَّ اعْتِبَارُ التماثل فيه.
أَمَّا بِالْوَزْنِ فَلِأَنَّ أَصْلَهُ الْكَيْلُ وَمَا كَانَ أَصْلُهُ الْكَيْلُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتَبَرَ تَمَاثُلُهُ بِالْوَزْنِ، وَأَمَّا الْكَيْلُ فَلِأَنَّ تَفْرِيقَ أَجْزَاءِ الدَّقِيقِ بِالطَّحْنِ وَاجْتِمَاعُ أَجْزَاءِ الْحِنْطَةِ يُحْدِثُ بَيْنَهُمَا فِي الْمِكْيَالِ اخْتِلَافًا يُحِيطُ الْعِلْمُ بِالْفَضْلِ بَيْنَهُمَا، وَالتَّفَاضُلُ مَحْظُورٌ بِالنَّصِّ.
وَلَيْسَ هَذَا كَالطَّعَامِ الْخَفِيفِ بِالطَّعَامِ الثَّقِيلِ، لِأَنَّ أَجْزَاءَ الْجَمِيعِ مُجْتَمِعَةً، وَإِنَّمَا خَفَّتْ

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 5  صفحه : 109
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست