responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 18  صفحه : 86
مسألة
قال الشافعي رضي الله عنه: (وَلَوْ أَعْتَقَ مُسْلِمٌ نَصْرَانِيًّا أَوْ نَصْرَانِيٌّ مُسْلِمًا فَالْوَلَاءُ ثَابِتٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَلَا يَتَوَارَثَانِ لِاخْتِلَافِ الدِّينِ وَلَا يَقْطَعُ اخْتِلَافُ الدين والولاء كَمَا لَا يَقْطَعُ النَّسَبَ قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثناؤه (ونادى نوح ابنه) (وإذ قال إبراهيم لأبيه) فَلَمْ يُقْطَعِ النَّسَبُ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ فَكَذَلِكَ الْوَلَاءُ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَشْتَمِلُ عَلَى فَصْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: فِي مُسْلِمٍ أَعْتَقَ نَصْرَانِيًّا.
وَالثَّانِي: فِي نَصْرَانِيٍّ أَعْتَقَ مُسْلِمًا.
وَأَمَّا إِذَا أَعْتَقَ الْمُسْلِمُ عَبْدًا نَصْرَانِيًّا، فَلَهُ وَلَاؤُهُ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا يَرِثُهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِاخْتِلَافِ الدِّينِ.
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: يرثه مع اختلاف الدين، لأنه واغصل إِلَيْهِ عَنْ رَقٍّ اعْتِبَارًا بِمَا كَانَ يَمْلِكُهُ مِنْ أَكْسَابِهِ فِي حَالِ الرِّقِّ.
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ: قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ) . وَلِأَنَّ الْمِيرَاثَ بِالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ، فَلَمَّا سَقَطَ التَّوَارُثُ بِالنَّسَبِ مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ كَانَ سُقُوطُهُ بِالْوَلَاءِ أَوْلَى، لِأَنَّهُ تَابِعٌ، وَالنَّسَبُ مَتْبُوعٌ، وَلَيْسَ لِمَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ حَالِ الرِّقِّ وَجْهٌ، لِأَنَّهُ يَأْخُذُهُ فِي حَالِ الرِّقِّ مِلْكًا لَا يَمْنَعُ مِنْهُ اخْتِلَافُ الدِّينِ، وَهُوَ يَأْخُذُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ إِرْثًا يَمْنَعُ مِنْهُ اخْتِلَافُ الدِّينِ.

فَصْلٌ
وَأَمَّا إِذَا أَعْتَقَ النَّصْرَانِيُّ مُسْلِمًا، فَلَهُ وَلَاؤُهُ، وَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَمْلِكُ الْكَافِرُ وَلَاءً عَلَى مُسْلِمٍ، وَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ دُونَ مُعْتِقِهِ، فَإِنْ أَسْلَمَ الْمُعْتِقُ لَمْ يَمْلِكِ الْوَلَاءَ.
وَقَالَ: لَوْ أَعْتَقَ نَصْرَانِيٌّ نَصْرَانِيًّا كَانَ لَهُ وَلَاؤُهُ، فَإِنْ أَسْلَمَ الْمُعْتِقُ بَطَلَ وَلَاءُ مَوْلَاهُ، فَإِنْ أَسْلَمَ مَوْلَاهُ لَمْ يَعُدْ إِلَيْهِ الْوَلَاءُ احْتِجَاجًا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73] . وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُقَرَّ لِلْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ رِقٌّ لَمْ يُقَرَّ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ الْمُسْتَحَقُّ بِالرِّقِّ.
وَدَلِيلُنَا: قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ) ، فَكَانَ عَلَى عُمُومِهِ لِكُلِّ مُعْتِقٍ، وَلِأَنَّ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: (الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ) ؛ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ لَمْ يَكُنِ اخْتِلَافُ

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 18  صفحه : 86
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست