responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 18  صفحه : 22
الزَّكَاةِ فِي الْعَيْنِ، فَإِذَا كَانَ مُعْسِرًا بِهَا نَفَذَ عِتْقُهُ فِي مِلْكِهِ، وَلَمْ يَسْرِ إِلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ: يَسْرِي عِتْقُهُ مَعَ إِعْسَارِهِ كَمَا يَسْرِي مَعَ يَسَارِهِ، وَتَكُونُ الْقِيمَةُ دَيْنًا عَلَيْهِ يُؤْخَذُ بِهَا إِذَا أَيْسَرَ كَمَا يَسْرِي الطَّلَاقُ فِي الزَّوْجَةِ إِذَا طَلَّقَ بَعْضَهَا فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا، لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَجْتَمِعَ طَلَاقٌ وَإِبَاحَةٌ، كَذَلِكَ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَجْتَمِعَ حُرِّيَّةٌ وَرِقٌّ.
وَدَلِيلُنَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَقَدْ عَتَقَ فَأَعْتَقَ ". وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِتَكْمِيلِ الْعِتْقِ رَفْعُ الضَّرَرِ عَنِ الشَّرِيكِ، بِأَن لَا يَخْتَلِفَ حُكْمُ الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ فِي عَبْدِهِ الْمُشْتَرَكِ، وَأَنْ يَصِيرَ الْعَبْدُ كَامِلَ التَّصَرُّفِ، وَسِرَايَةُ الْعِتْقِ مَعَ إِعْسَارِ الْمُعْتِقِ أَعْظَمُ ضَرَرًا عَلَى الشَّرِيكِ مِنِ اسْتِبْقَاءِ رِقِّهِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُرْفَعَ أَقَلُّ الضَّرَرَيْنِ بِأَعْظَمِهِمَا، وَوَجَبَ أَنْ يُرْفَعَ أَعْظَمُهُمَا بِأَقَلِّهِمَا. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَحْصُلَ فِي الزَّوْجَةِ شِرْكٌ بَيْنَ زَوْجَيْنِ، وَجَازَ أَنْ يَقَعَ فِي الرِّقِّ شِرْكٌ بَيْنَ مَالِكَيْنِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَبَعَّضَ الطَّلَاقُ وَجَازَ أَنْ يَتَبَعَّضَ الرِّقُّ.
وَالثَّانِي: أَنَّ طَلَاقَ بَعْضِ الزَّوْجَةِ يَمْنَعُ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ بِبَاقِيهَا، وَعِتْقَ بَعْضِ الْعَبْدِ لَا يَمْنَعُ مِنَ اسْتِخْدَامِ بَاقِيهِ، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ حِصَّةَ الشَّرِيكِ بَاقِيَةٌ عَلَى رِقِّهَا بِإِعْسَارِ الْمُعْتِقِ، فَقَالَ الْمُعْتِقُ: أَنَا أَسْتَدِينُ وَأَقْتَرِضُ قِيمَةَ حِصَّةِ الشَّرِيكِ إِنْ حَدَثَ لَهُ يَسَارٌ بَعْدَ الْعِتْقِ، كَانَ الشَّرِيكُ أَمْلَكَ بِحِصَّتِهِ ولم يؤخذ بإجابته.

فَصْلٌ
: فَإِذَا تَبَعَّضَتْ فِي الْعَبْدِ الْحُرِّيَّةُ وَالرِّقُّ بِإِعْسَارِ مُعْتِقِهِ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: (يَخْدِمُ سَيِّدَهُ يَوْمًا وَيَتْرُكُ لِنَفْسِهِ يَوْمًا فَمَا اكْتَسَبَ فِيهِ فَهُوَ لَهُ) ، فَأَجْرَى عَلَيْهِ حُكْمَ الْمُهَايَأَةِ.
فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْمُهَايَأَةَ كَانَتْ مُتَقَدِّمَةً بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ، فَلَمَّا أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ أُجْرِيَ الْعَبْدُ بَعْدَ الْعِتْقِ لِبَعْضِهِ عَلَيْهَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فِيهَا مُهَايَأَةٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْتَأْنِفَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ مَعَ الشَّرِيكِ الْبَاقِي لِنُقْصَانِ تَصَرُّفِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ أَنْ يُقِيمَ عَلَى الْمُهَايَأَةِ الْمُتَقَدِّمَةَ، وَيَجُوزَ أَنْ يَسْتَأْنِفَهَا مَعَ الشَّرِيكِ الثَّانِي، لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ بِالْحُرِّيَّةِ كَامِلٌ فِي حَقِّهِ مِنَ الْكَسْبِ.
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: إِنْ كَانَ لَهُ كَسْبٌ مَأْلُوفٌ بِصِنَاعَةٍ مَعْرُوفَةٍ يَتَمَاثَلُ فِيهَا كَسْبُ أَيَّامِهِ كُلِّهَا جَازَ أَنْ يَسْتَأْنِفَهَا مَعَ الشَّرِيكِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ مَأْلُوفٌ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْتَأْنِفَهَا مَعَهُ وَإِنْ جَازَ ذَلِكَ لِلشَّرِيكَيْنِ فِي الْحَالَيْنِ، لِأَنَّهُمَا قَدْ يَعْدِلَانِ عِنْدَ عَدَمِ الْكَسْبِ إِلَى الِاسْتِخْدَامِ، وَلَيْسَ الْعَبْدُ كَذَلِكَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ كَسْبِهِ.

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 18  صفحه : 22
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست