responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 18  صفحه : 146
فَصْلٌ
وَأَمَّا الْوُجُوهُ الْأَرْبَعَةُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ.
فَأَحَدُهَا: أَنَّ الْبَيْعَ يَصِحُّ بِعِوَضٍ مُعَيَّنٍ، وَمَوْصُوفٍ، وَالْكِتَابَةُ لَا تَصِحُّ إِلَّا بِعِوَضٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ، وَلَا تَصِحُّ بِمُعَيَّنٍ حَاضِرٍ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ إِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُكَاتَبِ حِينَ الْعَقْدِ فَهُوَ مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُكَاتِبَهُ بِمِلْكِهِ عَلَى مِلْكِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ كَانَ مِنْ جَوَازِ الْكِتَابَةِ أَبْعَدَ لِفَسَادِهِ فِيهَا وَفِي الْبَيْعِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْعِوَضَ فِي الْبَيْعِ يَصِحُّ مُعَجَّلًا وَمُؤَجَّلًا، وَلَا يَصِحُّ فِي الْكِتَابَةِ إِلَّا مُؤَجَّلًا لِمَا نَذْكُرُهُ مِنَ الدَّلِيلِ فِي الْخِلَافِ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ خِيَارَ الثَّلَاثِ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِالشَّرْطِ وَخِيَارَ الْمَجْلِسِ يَدْخُلُ فِيهِ بِالْعَقْدِ، وَلَا يَدْخُلُ فِي الْكِتَابَةِ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ خِيَارُ الثَّلَاثِ، وَلَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ، لِأَنَّ مَوْضُوعَهُمَا فِي الْبَيْعِ لِاسْتِدْرَاكِ الْغَبْنِ لِيَحْصُلَ الْمَقْصُودُ بِهِ مِنَ النَّمَاءِ وَالِاسْتِزَادَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْكِتَابَةُ لِظُهُورِ الْغَبْنِ فِي مَوْضِعِهِمَا لِأَنَّهُ يُعَاوِضُ فِيهَا عَلَى رَقَبَةِ عَبْدِهِ بِكَسْبِهِ وَكِلَاهُمَا مِنْ مِلْكِهِ، فَلَمْ يَكُنْ لِدُخُولِ الْخِيَارِ الَّذِي يَسْتَدْرِكُ بِهِ الْمُغَابَنَةَ وَجْهٌ.
وَالرَّابِعُ: أَنَّ خِيَارَ الْمُكَاتَبِ مُؤَبَّدٌ مَا بَقِيَ عَلَى كِتَابَتِهِ، وَلَا يَجُوزُ دُخُولُ مِثْلِهِ فِي الْبَيْعِ، لِأَنَّ الْمُتَرَجِّحَ فِي الْكِتَابَةِ مَصْلَحَةُ الْمُكَاتَبِ دُونَ السَّيِّدِ، فَثَبَتَ لَهُ مِنَ الْخِيَارِ مَا لَمْ يَثْبُتْ لِلسَّيِّدِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الَّذِي يَشْتَرِكُ فِي خِيَارِهِ الْمُتَبَايِعَانِ، وَصَارَ الْخِيَارُ فِي الْكِتَابَةِ مُؤَبَّدًا وَإِنْ كَانَ فِي الْبَيْعِ مُقَدَّرًا، لِأَنَّ مَعْنَاهُ فِي الْبَيْعِ اسْتِدْرَاكُ الْغَبْنِ الْمَوْجُودِ فِي قَلِيلِ الزَّمَانِ، فَصَارَ مُقَدَّرًا وَفِي الْكِتَابَةِ الْعَجْزُ عَنِ الْمَالِ الَّذِي يَكُونُ في كل الزمان فصار مؤبداً.

مسألة
قال الشافعي رضي الله عنه: (وَلَا يَجُوزُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ نَجْمَيْنِ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الْأَجَلُ فَهُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْكِتَابَةِ، لَا يَجُوزُ أَنْ تُعْقَدَ حَالَّةً.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ لَيْسَ الْأَجَلُ بِشَرْطٍ فِي صِحَّتِهَا وَتَجُوزُ حَالَّةً وَمُؤَجَّلَةً اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِ اللَّهِ تعالى: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً} . وَمِنْ ذَلِكَ دَلِيلَانِ:
أَحَدُهُمَا: عُمُومُ قَوْلِهِ [ (فَكَاتِبُوهُمْ) وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ حَالٍّ وَمُؤَجَّلٍ.
والثانِى:] قَوْلُهُ: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] وَالْخَيْرُ الْمَالُ فَجُعِلَ الْعَقْدُ مَشْرُوطًا بِهِ.
قَالُوا: وَلِأَنَّهُ عِتْقٌ بِعِوَضٍ فَاقْتَضَى أَنْ يَجُوزَ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا.
كَمَا لَوْ بَاعَ عَبْدَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِثَمَنٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ صَحَّ وَعَتَقَ، وَكَذَلِكَ الْكِتَابَةُ.

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 18  صفحه : 146
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست