responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 18  صفحه : 142
وَمَنْ تَقَدَّمَهُمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالتَّابِعِينَ إِلَى أَنَّهَا نَدْبٌ لَا تَجِبُ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ أَصْلَيْ حَظْرٍ يَجْذِبُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى حُكْمِهِ.
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ غَرَرٌ، لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَوْجُودٍ بِمَعْدُومٍ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ مُعَاوِضٌ عَلَى مِلْكِهِ بِمِلْكِهِ، فَصَارَ الْأَمْرُ بِالْكِتَابَةِ وَارِدًا بَعْدَ حَظْرِهَا، فَاقْتَضَى أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْإِبَاحَةِ دُونَ الْوُجُوبِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ) [البقرة: 222] {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] وَفِي هَذَا دَلِيلٌ وَانْفِصَالٌ.
وَلِأَنَّ مُطْلَقَ الْأَمْرِ يَقْتَضِي عُمُومَ حُكْمِهِ فِي الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ وَلَا يَتَجَزَّأُ حُكْمُهُ، فَيَكُونُ بَعْضُهُ وَاجِبًا، وَبَعْضُهُ نَدْبًا، فَلَمَّا حُمِلَ عَلَى النَّدْبِ فِيمَا قَلَّ عَنِ الْقِيمَةِ، وَجَبَ أن يكون مَحْمُولًا عَلَيْهِ فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا. وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نفس منه ". فاقتضى هذا الظاهر أن لا يُجْبَرَ السَّيِّدُ عَلَى إِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْ رَقَبَةِ الْعَبْدِ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسِهِ، وَكَالتَّدْبِيرِ الَّذِي لَا إِجْبَارَ فِيهِ، لِأَنَّهُمَا عِتْقُ صِفَةٍ.
فَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بوجوب الإيتاء فعنه جوابان:
أحدها: أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْمَنْدُوبُ إِلَيْهِ شُرُوطًا وَاجِبَةً كَالطَّهَارَةِ لِصَلَاةِ النَّافِلَةِ، كَذَلِكَ الْإِيتَاءُ فِي الْكِتَابَةِ وَاجِبٌ وَإِنْ كَانَتِ الْكِتَابَةُ غَيْرَ وَاجِبَةٍ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا جَازَ أَنْ يَخْتَلِفَ الْأَمْرُ بِهَا عِنْدَهُمْ فِي الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ فَحَمَلُوهُ فِي الْكِتَابَةِ عَلَى الْخُصُوصِ، وَفِي الْإِيتَاءِ عَلَى الْعُمُومِ، جَازَ أَنْ يَخْتَلِفَا عِنْدَنَا فِي الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ، فَحُمِلَ الْكِتَابَةُ عَلَى النَّدْبِ، وَالْإِيتَاءُ عَلَى الْوُجُوبِ.
وَجَوَابٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنَّ الْكِتَابَةَ مُعَاوَضَةٌ وَأُصُولُ الشَّرْعِ تَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ كَالْبَيْعِ وَالْإِيتَاءُ مُوَاسَاةٌ وَأُصُولُ الشَّرْعِ لَا تَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِ الْمُوَاسَاةِ كَالزَّكَاةِ.
وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِإِجْبَارِ أَنَسٍ عَلَى كِتَابَةِ سِيرِينَ فَلَا إِجْمَاعَ فِيهِ فَيُسْتَدَلُّ بِهِ، وَقَوْلُ عُمَرَ لَا يَحُجُّ أَنَسًا فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ دَلِيلٌ. وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِمَا فِيهِ مِنْ صَلَاحِ النُّفُوسِ كَالْمُضْطَرِّ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتَبَرَ مَا تَعَلَّقَ بِاخْتِيَارِ الطَّالِبِ فِي مَصَالِحِ نَفْسِهِ بِحَالِ الْمُضْطَرِّ فِي حِفْظِ مَتَاعِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُضْطَرَّ يَجِبُ عَلَيْهِ حِرَاسَةُ نَفْسِهِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَدْعُوَ إِلَى كِتَابَتِهِ فَلَمَّا افْتَرَقَا فِي حُكْمِ الطَّالِبِ، وَجَبَ أَنْ يَفْتَرِقَا فِي حكم المطلوب.

مسألة
قال الشافعي رضي الله عنه: (قال الله جل ثناؤه: {والذي يبتغون

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 18  صفحه : 142
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست