responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 17  صفحه : 413
قَدْرَ دَيْنِهِ سِرًّا، بِغَيْرِ عِلْمِهِ. فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ، لَمْ يَتَجَاوَزْ إِلَى غَيْرِهِ. وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِهِ، جَازَ أَنْ يَعْدِلَ إِلَى غَيْرِ جِنْسِهِ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَثْمَانِ وَمِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا، وَإِنْ قَدَرَ صَاحِبُ الدَّيْنِ عَلَى أَخْذِهِ بِالْمُحَاكَمَةِ، وَعَجَزَ عَنْهُ بِغَيْرِ الْمُحَاكَمَةِ، وَذَلِكَ لِأَحَدِ وَجْهَيْنِ إِمَّا لِمَطْلِهِ مَعَ الْإِقْرَارِ، أَوِ الْإِنْكَارِ مَعَ وُجُودِ الْبَيِّنَةِ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَقْدِرَ عَلَى أَخْذِ دَيْنِهِ سِرًّا مِنْ جِنْسِهِ، فَيَجُوزُ أَخْذُهُ مِنْهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ، لِأَنَّ إِحْوَاجَهُ إِلَى الْمُحَاكَمَةِ عُدْوَانٌ مِنَ الْغَرِيمِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى أَخْذِهِ، إِلَّا مِنْ غير جنسه ففي جواز أخذه سراً بعير علمه وجهان: أحدهما: يجوز تعليلاً بما ذكرنا مِنْ عُدْوَانِ الْغَرِيمِ، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ، أَنْ يَنْفَرِدَ بِبَيْعِهِ مِنْ غَيْرِ حَاكِمٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ إِلَّا بِالْمُحَاكَمَةِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بِمَا يَزُولُ عَنْهُ الْهَمُّ، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ، إِلَّا بِالْحَاكِمِ فَهَذَا شَرْحُ مَذْهَبِنَا.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ قَدَرَ عَلَى أَخْذِ دَيْنِهِ إِذَا لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ مِنْ غَرِيمِهِ، أَنْ يَأْخُذَ مِنْ جِنْسِهِ، جَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ دَيْنُهُ دَرَاهِمَ فَوَجَدَ دَنَانِيرَ، أَوْ دَنَانِيرَ فَوَجَدَ دَرَاهِمَ، لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ الْأَثْمَانِ، وَإِنْ تَنَوَّعَتْ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ إِلَّا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فِي الْأَمْتِعَةِ وَالْعُرُوضِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهُ، احْتِجَاجًا بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " أَدِّ الْأَمَانَةَ لِمَنِ ائْتَمَنَكَ وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ ". وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لا يحل مال امرىء مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ " وَلِأَنَّهُ مَالٌ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْخُذَهُ قِيَاسًا عَلَى مَا فِي يَدِ الْغَرِيمِ مِنْ رُهُونٍ، وَوَدَائِعَ.
وَلِأَنَّهُ إِذَا أَخَذَهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ لَمْ يَحِلَّ أَنْ يأخذه لأنه [إما أن] يَمْلِكَهُ أَوْ يَبِيعَهُ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَبِيعَهُ، لِأَنَّهُ لَا وَلَايَةَ لَهُ عَلَى بَيْعِهِ. فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقٌّ فِي أَخْذِهِ.
وَدَلِيلُنَا مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " لِصَاحِبِ الْحَقِّ يَدٌ وَمَقَالٌ ". فَكَانَتِ الْيَدُ عَلَى الْعُمُومِ.
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ عِيَاضٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ هِنْدَ امْرَأَةَ أَبِي سُفْيَانَ قَالَتْ: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، وَإِنَّهُ لَا يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي، وَوَلَدِي، إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ سِرًّا. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ ".

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 17  صفحه : 413
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست