responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 17  صفحه : 41
(فَصْلٌ)
: فَأَمَّا شَهَادَةُ الْأَعْمَى فِيمَا يُدْرِكُ بِالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ مِنَ الْعُقُودِ وَالْإِقْرَارِ، فَمَرْدُودَةٌ عِنْدَنَا وَغَيْرُ مَقْبُولَةٍ، وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَمِنَ التَّابِعِينَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالنَّخَعِيُّ، وَمِنَ الْفُقَهَاءِ سفيان الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ وَسَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي مِنْ فُقَهَاءِ الْبَصْرَةِ، وَأَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْكُوفَةِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْأَعْمَى إِذَا عَرَفَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِصَوْتِهِ الَّذِي عَرَفَهُ بِهِ عَلَى قَدِيمِ الْوَقْتِ وَحَدِيثِهِ، وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَمِنَ التَّابِعِينَ شُرَيْحٌ وَعَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمِنَ الْفُقَهَاءِ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَدَاوُدُ، وَابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ الْمُزَنِيِّ، اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] فَكَانَ عَلَى عُمُومِهِ فِي الْبَصِيرِ وَالْأَعْمَى، وَلِأَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ شُعَيْبًا قَدْ كَانَ أَعْمَى، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا} [هود: 91] أَيْ ضَرِيرًا، {وَلَوْلا رهطك لرجعناك} [هود: 91] أَيْ قَوْمُكَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَيْ: شَيْبَتُكَ الْبَيْضَاءُ، لِأَنَّهُ قَدْ يُحْتَشَمُ لِأَجْلِ الشَّيْبَةِ كَمَا يُحْتَشَمُ لِأَجْلِ رَهْطِهِ، فَلَمَّا لَمْ يَمْنَعِ الْعَمَى مِنَ الشَّهَادَةِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالنُّبُوَّةِ، فَأَوْلَى أَنْ لَا يَمْنَعَ مِنَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَخْلُوقِينَ بِالْأَمْوَالِ.
وَلِأَنَّ مَنْ صَحَّ أَنْ يَتَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ فِي الْأَنْسَابِ وَالْأَمْلَاكِ صَحَّ أَنْ يَتَحَمَّلَهَا فِي الْعُقُودِ وَالْإِقْرَارِ، كَالْبَصِيرِ.
وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ إِذَا افْتَقَرَتْ إِلَى حَاسَّةٍ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهَا حَاسَّةٌ أُخْرَى، لِأَنَّ الْأَفْعَالَ لَمَّا افْتُقِرَ فِيهَا إِلَى الْبَصَرِ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهَا السَّمَاعُ، وَالْأَنْسَابُ لَمَّا افْتَقَرَتْ إِلَى السَّمَاعِ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهَا الْبَصَرُ، فَوَجَبَ إِذَا افْتَقَرَتِ الْعُقُودُ إِلَى السَّمَاعِ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ فِيهَا الْمُشَاهَدَةُ، لِأَنَّ أُصُولَ الشَّهَادَةِ تَمْنَعُ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ حَاسَّتَيْنِ وَلِأَنَّ الصُّورَ تَخْتَلِفُ وَالْأَصْوَاتَ تَخْتَلِفُ، فَلَمَّا لَمْ يَمْنَعِ اخْتِلَافُ الصُّورِ مِنَ الشَّهَادَةِ لَمْ يَمْنَعِ اخْتِلَافُ الْأَصْوَاتِ مِنَ الشَّهَادَةِ بِهَا.
وَلِأَنَّ الصَّوْتَ يَدُلُّ عَلَى مَعْرِفَةِ الْمُصَوِّتِ كَمَا يَسْتَدِلُّ الْأَعْمَى بِصَوْتِ زَوْجَتِهِ عَلَى إِبَاحَةِ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا، وَكَمَا يُسْتَدَلُّ بِصَوْتِ الْمُحَدِّثِ عَلَى سَمَاعِ الْحَدِيثِ مِنْهُ وَرِوَايَتِهِ عَنْهُ، كَذَلِكَ يُسْتَدَلُّ بِصَوْتِ الْعَاقِدِ وَالْمُقِرِّ عَلَى جَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمَا وَقَدْ سَمِعَتِ الصَّحَابَةُ الْحَدِيثَ مِنْ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَلَمْ تَكُنِ الْمُشَاهَدَةُ مَعَ مَعْرِفَةِ الصَّوْتِ مُعْتَبَرَةً.
وَدَلِيلُنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ} [فاطر: 35] فَكَانَ عَلَى عُمُومِهِ إِلَّا مَا خَصَّهُ دَلِيلٌ وَقَالَ تَعَالَى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كان عنه مسؤولا} [الإسراء: 36] فَجَمَعَ فِي الْعِلْمِ بَيْنَ السَّمْعِ

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 17  صفحه : 41
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست