responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 17  صفحه : 254
فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِمْ، نُظِرَ فِي الشَّهَادَةِ بَعْدَ رُجُوعِهِمْ عَنْهَا. فَإِنَّهُمْ فِيهَا على ثلاثة أحوال:
أحدهما: أن يعمدوها، فَيَكُونُ قَدَحًا فِي عَدَالَتِهِمْ وَمُوجِبًا لِفِسْقِهِمْ، وَيُعَزَّرُوا، لأنهم عمدوا الشهادة بالزور.
والثاني: أَنْ لَا يَتَعَمَّدُوهَا، وَلَكِنْ سَهُوا فِيهَا، فَيَكُونُ ذَلِكَ قَدْحًا فِي ضَبْطِهِمْ لَا فِي عَدَالَتِهِمْ، فَوَجَبَ التَّوَقُّفُ فِي شَهَادَتِهِمْ إِلَّا فِيمَا تَحَقَّقُوهُ 5 وأحاطوا به علما.
والثالث: أن لا يكون ذلك بعمد لا يسهو وَلَكِنْ بِشُبْهَةٍ اعْتَرَضَتْهُمْ يَجُوزُ مِثْلُهَا عَلَى أَهْلِ التَّيَقُّظِ وَالْعَدَالَةِ فَهُمْ عَلَى عَدَالَتِهِمْ وَضَبْطِهِمْ، لَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ فِي غَيْرِ مَا رَجَعُوا عَنْهُ، فَإِنِ الْتَمَسَ الْمَشْهُودُ لَهُ يَمِينَ الشُّهُودِ عَلَى صِحَّةِ رُجُوعِهِمْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِحْلَافُهُمْ، لِأَنَّ حَقَّهُ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَلَوِ ادَّعَى الْمَشْهُودُ لَهُ أَنَّ الشُّهُودَ قَدْ رَجَعُوا وَأَنْكَرُوا الرُّجُوعَ، لَمْ يَكُنْ لَهُ إِحْلَافُهُمْ، لِأَنَّه لَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ.
وَهَكَذَا لَوِ ادَّعَى عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنِّي بَرِئْتُ مِمَّا شَهِدُوا بِهِ، وَقَدْ شَهِدُوا مَعَ عِلْمِهِمْ أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْهُ وَطَلَبَ يَمِينَهُمْ لَمْ يَحْلِفُوا عَلَيْهِ.
وَلَوْ أَحْضَرَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً تَشْهَدُ عَلَى الشُّهُودِ بِرُجُوعِهِمْ، قُبِلَتْ، وَحُكِمَ عَلَيْهِمْ بِالرُّجُوعِ، وَبَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ لِلْمَشْهُودِ لَهُ.
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ اللُّؤْلُؤِيُّ: يُضَمَّنُونَ لِلْمَشْهُودِ لَهُ مَا شَهِدُوا بِهِ مِنْ حَقِّهِ. وَهَذَا خَطَأٌ، لِأَنَّ حَقَّهُ بَاقٍ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ.
( [الْقَوْلُ فِي رُجُوعِ الشُّهُودِ بَعْدَ نُفُوذِ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ] )

(فَصْلٌ)
: وَأَمَّا الْحَالُ الثَّانِيَةُ: وَهُوَ أَنْ يَرْجِعُوا بَعْدَ نُفُوذِ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمْ وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ. فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مَا شَهِدُوا بِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَالًا أَوْ غَيْرَ مَالٍ، فَإِنْ كَانَ مَالًا، لَمْ يَنْقُضْ حُكَمَهُ بِهِ وَأَمْضَاهُ، وَهَذَا قول جمهور الفقهاء.
وَحُكِيَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يُنْقَضُ الْحَكَمُ بِرُجُوعِهِمْ لِإِبْطَالِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ بِالرُّجُوعِ. وَهَذَا فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: إِنَّ الْحُكْمَ إِذَا نَفَذَ بِالِاجْتِهَادِ، لَمْ يُنْقَضْ بِالِاحْتِمَالِ وَالِاجْتِهَادُ تَغْلِيبُ صِدْقِهِمْ فِي الشَّهَادَةِ، وَالِاحْتِمَالُ جَوَازُ كَذِبِهِمْ فِي الرُّجُوعِ.
وَالثَّانِي: إِنَّ فِي شَهَادَتِهِمْ إِثْبَاتَ حَقٍّ يَجْرِي مَجْرَى الْإِقْرَارِ، وَفِي رُجُوعِهِمْ نَفِيُ ذَلِكَ الْحَقِّ الْجَارِي مَجْرَى الْإِنْكَارِ فَلَمَّا لَمْ يَبْطُلِ الْحُكْمُ بِالْإِقْرَارِ لِحُدُوثِ الْإِنْكَارِ لَمْ يَبْطُلِ الْحُكْمُ بِالشَّهَادَةِ لحدوث الرجوع.

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 17  صفحه : 254
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست