responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 17  صفحه : 141
قَالُوا وَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ مَوْضُوعَةٌ لِلْإِثْبَاتِ، وَالْيَمِينَ مَوْضُوعَةٌ لِلنَّفْيِ، فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُعْدَلَ بِالْبَيِّنَةِ إِلَى النَّفْيِ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُعْدَلَ بِالْيَمِينِ إِلَى الْإِثْبَاتِ.
قَالُوا: وَلِأَنَّهَا قَوْلُ الْمُدَّعِي، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَلْزَمَ بِهِ حُكْمٌ كَالدَّعْوَى.
قَالُوا: وَلِأَنَّهُ رَجَّحَ دَعْوَاهُ بِقَوْلِهِ، فَلَمْ يَقْضِ فِيهِ، كَتَكْرِيرِ الدَّعْوَى.

(فَصْلٌ)
: وَدَلِيلُنَا مِنَ الْكِتَابِ قَوْله تَعَالَى: {أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ} [المائدة: 108] أَيْ بَعْدَ الِامْتِنَاعِ مِنَ الْأَيْمَانِ الْوَاجِبَةِ، فَدَلَّ عَلَى نَقْلِ الْأَيْمَانِ مِنْ جِهَةٍ إِلَى جِهَةٍ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مِنَ السُّنَّةِ مَا رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ طَلَبَ طَلَبَهُ بِغَيْرِ بَيَّنَةٍ، فَالْمَطْلُوبُ أَوْلَى بِالْيَمِينِ مِنَ الْطَالِبِ ".
وَرَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْمَطْلُوبُ أَوْلَى بِالْيَمِينِ مِنَ الطَّالِبِ ".
فَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْ هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ [أَنْ " أَوْلَى "] يُسْتَعْمَلُ حَقِيقَةً فِي الِاشْتِرَاكِ فِيمَا يَتَرَجَّحُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، كَقَوْلِكَ: زِيدٌ أَفْقَهُ مِنْ عَمْرٍو، إِذَا اشْتَرَكَا فِي الْفِقْهِ، وَزَادَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ.
وَلَا يُقَالُ: زِيدٌ أَفْقَهُ فِيمَنْ لَيْسَ بِفَقِيهٍ، إِلَّا عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ.
فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلطَّالِبِ حَقٌّ فِي الْيَمِينِ لَمَا جُعِلَ الْمَطْلُوبُ أَوْلَى مِنْهُ، فَيَكُونُ أَوْلَى فِي الِابْتِدَاءِ، وَيُنْقَلُ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ فِي الِانْتِهَاءِ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى طَالِبِ حَقٍّ، وَهَذَا نَصٌّ ذَكَرَهُ أَبُو الْوَلِيدِ فِي الْمُخَرَّجِ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لِلْأَنْصَارِ فَيَ دَعْوَى الْقَتْلِ عَلَى يَهُودِ خَيْبَرَ: " تَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَيُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا ".
فَدَلَّ هَذَا عَلَى نَقْلِ الْيَمِينِ مِنْ جِهَةٍ إِلَى جِهَةٍ، وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يَرَاهُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ. وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَجْرَى فَرَسًا، فوطىء عَلَى أُصْبُعِ رَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ، فَتَأَلَّمَ مِنْهَا دَهْرًا، ثُمَّ مَاتَ، فَتَنَازَعُوا إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ: تَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا أَنَّهُ مَا مَاتَ مِنْهَا، فَأَبَوْا، فَقَالَ لِلْمُدَّعِينَ: احْلِفُوا أَنْتُمْ، فَأَبَوْا ".
وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ مَشْهُورَةٌ فِي رَدِّ الْيَمِينِ لَمْ يَظْهَرْ فِيهَا مُخَالِفٌ.

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 17  صفحه : 141
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست