responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 17  صفحه : 106
أَنَّكَ خَالَفْتَ الْكِتَابَ إِذْ لَمْ يُجِزِ اللَّهُ إِلَّا مُسْلِمًا، وَأَجَزْتَ كَافِرًا.

(فَصْلٌ)
: وَحَكَى الشَّافِعِيُّ عَنْهُمْ فِي هَذَا الْفَصْلِ السَّادِسِ أَنَّهُ إِذَا نَصَبَ اللَّهُ تَعَالَى حُكْمًا فِي كِتَابِهِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَكَتَ عَنْهُ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُحْدِثَ فِيهِ مَا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ.
مُرَادُهُمْ بِهَذَا: أَنْ يَمْنَعُوا مِنَ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ بَيَّنَ الشَّهَادَاتِ، فَاقْتَضَى أَنْ تَكُونَ مَقْصُورَةً عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ الْكِتَابُ، وَلَيْسَ فِيهِ الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ، وَهَذَا مِمَّا يُخَالِفُهُمْ فِيهِ الشَّافِعِيُّ حُكْمًا وَوُجُودًا، فَحَكَى مِنْ وُجُودِهِ مَا وَافَقُوا عَلَيْهِ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهِ، فَقَالَ: " قَدْ نَصَّ اللَّهُ الْوُضُوءَ فِي كِتَابِهِ، فَأَجَزْتَ فِيهِ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَنَصَّ مَا حَرَّمَ مِنَ النِّسَاءِ فِي كِتَابِهِ، وَأَحَلَّ مَا وَرَاءَهُنَّ، فَقُلْتَ: لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، وَلَا عَلَى خَالَتِهَا، وَنَصَّ الْمَوَارِيثَ، فَقَالَ: " لَا يَرِثُ قَاتِلٌ وَلَا مَمْلُوكٌ، وَلَا كَافِرٌ، وَإِنْ كَانُوا وَلَدًا أَوْ وَالِدًا "، وَحَجَبَ الْأُمَّ بِالْإِخْوَةِ كَحَجَبْتَهَا بِأَخَوَيْنِ، وَنَصَّ لِلْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ أَنْ تُمَسَّ نِصْفَ الْمَهْرِ، وَرَفْعَ الْعِدَّةِ، وَقُلْتُ: إِنْ خَلَا بِهَا، وَلَمْ يَمَسَّهَا فَلَهَا الْمَهْرُ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، فَهَذِهِ أَحْكَامٌ مَنْصُوصَةٌ فِي الْقُرْآنِ، فَهَذَا عِنْدَكَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ، وَالْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ لَا يُخَالِفُ مِنْ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ شَيْئًا. فَبَيَّنَ الشَّافِعِيُّ وُجُودَهُ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهِ، ثُمَّ أَوْضَحَ طَرِيقَ جَوَازِهِ، فَقَالَ: " وَالْقُرْآنُ عَرَبِيٌّ، فَيَكُونُ عَامُّ الظَّاهِرِ يُرَادُ بِهِ الْخَاصَّ، وَكُلُّ كَلَامٍ احْتَمَلَ فِي الْقُرْآنِ مَعَانِيَ، فَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَدُلُّ عَلَى أَحَدِ مَعَانِيهِ، مُوافِقَةً لَهُ لَا مُخَالِفَةً لِلْقُرْآنِ ". يُرِيدُ بِذَلِكَ إِنَّ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ عَامٍّ وَمُجْمَلٍ، فَفِي سُنَّةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَخْصِيصُ مَا أُرِيدَ بِالْعُمُومِ، وَتَفْسِيرُ مَا أُرِيدَ بِالْمُجْمَلِ، فَلَمْ يَمْتَنِعْ أَنْ يُبَيِّنَ بِسُنَّتِهِ فِي الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ مَا يَكُونُ مُوافِقًا لِلْقُرْآنِ، وَغَيْرَ مُخَالِفٍ لَهُ، فَهَذِهِ سِتَّةُ أُصُولٍ أَوْرَدَهَا الشَّافِعِيُّ بَيْنَ ثَلَاثَةِ فُصُولٍ مِنْهَا، فَسَادُ مَا اعْتَرَضَ بِهِ الْمُخَالِفُ، وَبَيْنَ ثَلَاثَةٍ مِنْهَا تُنَاقِضُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمُخَالِفُ عَلَى أَوْضَحِ شَرْحٍ وبيان، وبالله التوفيق.

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 17  صفحه : 106
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست