responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 14  صفحه : 302
وَمَا حُقِنَ بِهِ الدَّمُ لَمْ يَسْقُطْ بِالْإِعْسَارِ، كَالدِّيَةِ.
وَمَا اسْتَحَقَّ بِهِ الْمُقَامُ فِي مَكَانٍ لَمْ يَسْقُطْ بِالْإِعْسَارِ كَالْأُجْرَةِ.
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ فِعْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَمِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ أَخْذَهَا مِنَ الْفَقِيرِ الْمُعْتَمِلِ لَا يُوجِبُ سُقُوطَهَا عَنْ غَيْرِ الْمُعْتَمِلِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُعْتَمِلَ هُوَ الْمُكْتَسِبُ بِالْعَمَلِ - وَغَيْرُ الْمُعْتَمِلِ قَدْ يَتَكَسَّبُ بِالْمَسْأَلَةِ، وَهِيَ عَمَلٌ فَصَارَ كَالْمُعْتَمِلِ. وَالْقِيَاسُ عَلَى الزَّكَاةِ فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي الْمَالِ، فَاعْتَبَرْنَاهُ فِي الْوُجُوبِ، وَالْجِزْيَةُ تَجِبُ فِي الذِّمَّةِ، فَلَمْ يُعْتَبَرِ الْمَالُ فِي الْوُجُوبِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْجِزْيَةَ تَجِبُ عَلَى الْفَقِيرِ الْمُعْتَمِلِ، وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، فَلَمْ يَجُزِ اعْتِبَارُهَا بِالزَّكَاةِ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ مَعَ اخْتِلَالِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْخَرَاجَ لَا يَسْقُطُ بِالْفَقْرِ، فَكَذَلِكَ الْجِزْيَةُ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَسْقُطْ مَا فِي مُقَابَلَةِ الْجِزْيَةِ مِنْ حَقْنِ الدَّمِ فِي حق الفقير لم يسقط الْجِزْيَةُ، وَلَمَّا سَقَطَ مَا فِي مُقَابَلَةِ الْخَرَاجِ مِنَ الْمَنْفَعَةِ سَقَطَ بِهِ الْخَرَاجُ.

(فَصْلٌ)
فَإِذَا تَقَرَّرَ تَوْجِيهُ الْقَوْلَيْنِ، فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ لَا جِزْيَةَ عَلَى الْفَقِيرِ، كَانَتِ الْقُدْرَةُ عَلَيْهَا شَرْطًا فِي الْوُجُوبِ وَالْأَدَاءِ، فَلَا يُخَاطَبُ بِوُجُوبِهَا مَعَ الْفَقْرِ، إِذَا أَيْسَرَ بِهَا اسْتُوقِفَ حَوْلَهُ، وَأُخِذَتْ منه انقضائه.
وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّ الْجِزْيَةَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْفَقِيرِ، لَمْ تَكُنِ الْقُدْرَةُ شَرْطًا فِي وُجُوبِهَا، فَإِذَا حَالَ الْحَوْلُ، وَهُوَ فَقِيرٌ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ، وَفِيهَا وَجْهَانِ دَلَّ كَلَامُ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَيْهِمَا:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُنْظَرُ بِهَا إِلَى مَيْسَرَتِهِ مَعَ إِقْرَارِهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ الَّتِي يَجِبُ الْإِنْظَارُ بِهَا إِلَى وَقْتِ الْيَسَارِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ أَنْ يُنْظَرَ بِهَا لِإِعْسَارِهِ، لِأَنَّ لَهَا بَدَلًا فِي حَقْنِ دَمِهِ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْإِسْلَامُ، فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ إِنْظَارُهُ.
وَقِيلَ: إِنْ لَمْ تُسْلِمْ، وَلَمْ يُتَوَصَّلْ إِلَى تَحْصِيلِ الْجِزْيَةِ بِالطَّلَبِ وَالْمَسْأَلَةِ، لَمْ يَجُزْ أَنْ تُقَرَّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَأُبْلِغْتَ مَأْمَنَكَ، ثُمَّ كُنْتَ حَرْبًا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ، لَمَّا كَانَ الصَّوْمُ فِيهَا بَدَلًا لَمْ تَسْقُطْ بِالْإِعْسَارِ؟ وَلَمْ يَجِبْ فِيهَا إِنْظَارٌ إِلَى وَقْتِ الْيَسَارِ؟ كَذَلِكَ الْجِزْيَةُ

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 14  صفحه : 302
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست