responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 14  صفحه : 293
عَلَى مَا تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنَ الْمَجُوسِ، وَلَيْسُوا بِأَهْلِ كِتَابٍ، فَقَامَ إِلَيْهِ الْمُسْتَوْرِدُ، فَأَخَذَ بِلَبَّتِهِ وَقَالَ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ تَطْعَنُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ وَعَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ - يَعْنِي عَلِيًّا - وَقَدْ أَخَذُوا مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ، فَذَهَبَ بِهِ إِلَى القصر فخرج علي - عليه السلام - فَقَالَ: اتَّئِدَا فَجَلَسْنَا فِي ظِلِّ الْقَصْرِ، فَقَالَ:؟ أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِالْمَجُوسِ، كَانَ لَهُمْ عِلْمٌ يُعَلِّمُونَهُ، وَكِتَابٌ يُدَرِّسُونَهُ، وَإِنَّ مَلِكَهُمْ سَكِرَ، فَوَقَعَ عَلَى ابْنَتِهِ أَوْ أُخْتِهِ، فَاطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْضُ أهل مملكته، فلما صحا جاؤوا يُقِيمُونَ عَلَيْهِ الْحَدَّ، فَامْتَنَعَ مِنْهُمْ فَدَعَا أَهْلَ مَمْلَكَتِهِ، فَلَمَّا أَتَوْهُ قَالَ: أَتَعْلَمُونَ دِينًا خَيْرًا مِنْ دِينِ آدَمَ، وَقَدْ كَانَ يُنْكِحُ بَنِيهِ مِنْ بَنَاتِهِ، وَأَنَا عَلَى دِينِ آدَمَ مَا نَزَعْتُ بِكُمْ عَنْ دِينِهِ، فَبَايَعُوهُ، وَقَاتَلُوا الَّذِينَ خَالَفُوهُمْ حَتَّى قَتَلُوهُمْ، فَأَصْبَحُوا وَقَدْ أُسْرِيَ عَلَى كِتَابِهِمْ فَرُفِعَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ، وَذَهَبَ الْعِلْمُ الَّذِي فِي صُدُورِهِمْ فَهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ.
وَقَدْ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ وَانْتِشَارُ هَذَا مَعَ عَدَمِ الْمُخَالِفِ فِيهِ إِجْمَاعٌ مُنْعَقِدٌ، وَلِأَنَّ الِاتِّفَاقَ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ، وَهِيَ مَقْصُورَةٌ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ تَجْعَلُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الدَّاخِلِينَ فِي قَوْله تَعَالَى: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ} [التوبة: 29] . وَلِأَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا يَنْتَسِبُونَ إِلَى نَبِيٍّ مَبْعُوثٍ، وَيَتَعَبَّدُونَ بِدِينٍ مَشْرُوعٍ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ كِتَابٍ يَلْتَزِمُونَ أَحْكَامَهُ، وَيَعْتَقِدُونَ حَلَالَهُ وَحَرَامَهُ.

(فَصْلٌ)
: فَإِذَا تَقَرَّرَ تَوْجِيهُ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، فَإِنْ قِيلَ بِالْأَوَّلِ مِنْهُمَا إِنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ كِتَابٌ جَازَ إِقْرَارُهُمْ عَلَى الْجِزْيَةِ بِالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَلَمْ يَجُزِ اسْتِبَاحَةُ مَنَاكِحِهِمْ، وَلَا أَكْلُ ذَبَائِحِهِمْ.
وَإِنْ قِيلَ بِالثَّانِي: إِنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ فَفِي اسْتِبَاحَةِ مَنَاكِحِهِمْ، وَأَكْلِ ذَبَائِحِهِمْ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ:
أَحَدُهُمَا: يَحِلُّ نِكَاحُ نِسَائِهِمْ، وَأَكْلُ ذَبَائِحِهِمْ لِثُبُوتِ كِتَابِهِمْ، وَلِأَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ نَكَحَ مَجُوسِيَّةً بِالْعِرَاقِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ.
والوجه الثاني: وهو أظهر أنه لا يحل نِسَاؤُهُمْ، وَلَا أَكْلُ ذَبَائِحِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ، لِأَنَّ كِتَابَهُمْ رُفِعَ، فَارْتَفَعَ حُكْمُهُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ، مَعَ مَا انْعَقَدَ عليه إجماع الأعصار أنه قول بضعة عشرة مِنَ الصَّحَابَةِ، وَمَا عَلِمْنَا مُخَالِفًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى بُعِثَ نَبِيٌّ مِنَ الْكَرْخِ يَعْنِي أَبَا ثَوْرٍ يُرِيدُ أَنَّهُ لَمَّا تَفَرَّدَ بِقَوْلٍ خَالَفَ فِيهِ مَنْ تَقَدَّمَهُ صَارَ كَنَبِيٍّ يُشَرِّعُ الْأَحْكَامَ.

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 14  صفحه : 293
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست