responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 14  صفحه : 277
أَحَدُهَا: أَنَّ إِظْهَارَهُ هُوَ انْتِشَارُ ذِكْرِهِ فِي الْعَالَمِينَ وَمَعْرِفَةُ الْخَلْقِ بِهِ أَجْمَعِينَ، وَهَذَا مَوْجُودٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ أُمَّةٌ إِلَّا وَقَدْ عَلِمَتْ بِدِينِ الْإِسْلَامِ، وَدَعْوَةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَيْهِ، وَهُوَ بِالْحِجَازِ، وَهُوَ أَحَدُ التَّأْوِيلَاتِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4] .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ إِظْهَارَهُ هُوَ عُلُوُّهُ عَلَى الْأَدْيَانِ كُلِّهَا، فَهُوَ طَالِبٌ وَغَيْرُهُ مَطْلُوبٌ، وَقَاهِرٌ وَغَيْرُهُ مَقْهُورٌ، وَغَانِمٌ وَغَيْرُهُ مَغْنُومٌ، وَزَائِدٌ وَغَيْرُهُ مَنْقُوصٌ، وَهَذَا ظَاهِرٌ مَوْجُودٌ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الإسلام يعلوا وَلَا يُعْلَى، وَيَزِيدُ وَلَا يَنْقَصُ ".
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ إِظْهَارَهُ عَلَى الْأَدْيَانِ كُلِّهَا سَيَكُونُ عِنْدَ ظُهُورِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَنُزُولِهِ مِنَ السَّمَاءِ حَتَّى لَا يُعْبَدَ اللَّهُ تَعَالَى بِغَيْرِهِ مِنَ الْأَدْيَانِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء: 159] .
وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " زُوِيَتْ لِيَ الْأَرْضُ، فَأُرِيتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَسَيَبْلُغُ مُلْكُ أُمَّتِي مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا " وَمَعْنَى زُوِيَتْ أَيْ جُمِعَتْ

(فَصْلٌ)
: وَأَمَّا السُّنَّةُ: فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَبَرَانِ:
أَحَدُهُمَا: رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ " إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل اللَّهِ ".
وَالْخَبَرُ الثَّانِي: مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَتَبَ إِلَى كِسْرَى يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَلَمَّا وَصَلَ كِتَابُهُ إِلَيْهِ مَزَّقَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " تَمَزَّقَ مُلْكُهُ ".
وَكَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ كِتَابًا إِلَى الْإِسْلَامِ، لَمَّا وَصَلَ كِتَابُهُ إِلَيْهِ قَبَّلَهُ، وَأَكْرَمَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ " ثَبَّتَ مُلْكَهُ ".
وَالْأَكَاسِرَةُ هُمْ مُلُوكُ الْفُرْسِ، وَدِينُهُمُ الْمَجُوسِيَّةُ، وَالْقَيَاصِرَةُ هُمْ مُلُوكُ الرُّومِ، وَدِينُهُمُ النَّصْرَانِيَّةُ. فَكَانَ الْخَبَرَانِ فِي الْأَكَاسِرَةِ مُتَّفِقَيْنِ. وَقَدْ وُجِدَ الْخَبَرُ فِيهِمَا عَلَى مُخْبَرِهِ، لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْخَبَرِ الْأَوَّلِ: " إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ " وَقَالَ فِي الْخَبَرِ الثَّانِي: " تَمَزَّقَ مُلْكُهُ "، وَكَانَ ظَاهِرُ الْخَبَرَيْنِ فِي الْقَيَاصِرَةِ مُخْتَلِفًا، وَالْمُخْبَرُ فِيهِمَا مُتَنَافِيًا لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْأَوَّلِ: " وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ " وَقَالَ فِي الثَّانِي: " ثَبَّتَ مُلْكَهُ " وَهَذَا مُتَنَافٍ، وَقَدْ نَرَى مُلْكَ الرُّومِ ثَابِتًا فَكَانَ ثَبَاتُهُ مُوَافِقًا لِلْخَبَرِ الثَّانِي مُنَافِيًا لِلْخَبَرِ الْأَوَّلِ، فَعَنْهُ جَوَابَانِ يَمْنَعَانِ مِنَ التَّنَافِي:

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 14  صفحه : 277
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست