responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 14  صفحه : 259
وَالْخَامِسُ: أَنَّهُ اسْتَطَابَ نُفُوسَهُمْ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَتْ أَيْدِيهِمْ فِيهِ بِغَيْرِ حَقٍّ لَأَخَذَهُ مِنْهُمْ جَبْرًا.
فَدَلَّتْ هَذِهِ الْوُجُوهُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَنْوَةً مَغْنُومًا اقْتِدَاءً فِي اسْتِطَابَةِ نُفُوسِهِمْ عَنْهُ بِرَسُولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي سَبْيِ هَوَازِنَ حِينَ سَأَلُوهُ بَعْدَ إِسْلَامِهِمُ الْمَنَّ عَلَيْهِمْ، فَخَيَّرَهُمْ بَيْنَ أَمْوَالِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ، فَاخْتَارُوا الْأَهْلَ وَالْأَوْلَادَ، فَمَنَّ عَلَيْهِمْ، وَعَرَّفَ الْعُرَفَاءَ عَنِ اسْتِنْزَالِ النَّاسِ عَنْوًا، وَجَعَلَ لِمَنْ لَمْ يَطِبْ نَفْسًا بِالنُّزُولِ عَنْ كُلِّ رَأْسٍ مِنَ السَّبْيِ ست قلائص حَتَّى نَزَلَ جَمِيعُهُمْ، إِلَّا عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعَ إِلَى أَنْ جُدِعَ عُيَيْنَةُ، وَنَزَلَ الْأَقْرَعُ، فَلَمَّا اسْتَنْزَلَهُمْ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للْمَنّ وَالتَّكْرِيم كَانَ اسْتِنْزَالُ عُمَرَ لِلْغَانِمِينَ فِي عُمُومِ الْمَصَالِحِ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْلَى وَأَوْكَدَ، وَاخْتُلِفَ فِي السَّبَبِ الَّذِي اسْتَنْزَلَهُمْ عُمَرُ لِأَجْلِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ رَأَى إِنْ أَقَامُوا فِيهِ عَلَى عِمَارَتِهِ، وَاسْتِغْلَالِهِ، وَأَلِفُوا رِيفَ الْعِرَاقِ، وَخِصْبَهُ تَعَطَّلَ الجهاد، وإن انهضم عَنْهُ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِمْ خَرِبَ مَعَ جلالة قدره، وكثرة استغلاله، فعلى أن الأصلح إقرار فِي أَيْدِي الدَّهَاقِينِ وَالْأُكْرَةِ الَّذِينَ هُمْ بِعِمَارَتِهِ أَعْرَفُ وَزِرَاعَتِهِ أَقْوَمُ بِخَرَاجٍ يَضْرِبُهُ عَلَيْهِمْ يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَيَتَوَفَّرُوا بِهِ عَلَى جِهَادِ الْمُشْرِكِينَ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِنَظَرِهِ فِي الْمُتَعَقِّبِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ مَصْرَيِ الْعِرَاقِ الْبَصْرَةَ وَالْكُوفَةَ وَطَنًا لِلْمُجَاهِدِينَ؛ لِيَخُصُّوا بِجِهَادِ مَنْ بِإِزَائِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَيَسْتَمِدُّوا بِسَوَادِ عِرَاقِهِمْ فِي أَرْزَاقِهِمْ، وَنَفَقَاتِهِمْ فِي جِهَادِهِمْ، وَعَلِمَ أَنَّهُ إِنْ أَقَرَّهُ عَلَى مِلْكِهِمْ مَعَ سِعَتِهِ وَكَثْرَةِ ارْتِفَاعِهِ بَقِيَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَجِدُونَ مَا يَسْتَمِدُّونَهُ، وَقَدْ قَامُوا مَقَامَهُمْ، وَسَدُّوا مَسَدَّهُمْ فَرَأَى أَنَّ الْأَعَمَّ فِي صَلَاحِ أَهْلِ كُلِّ عَصْرٍ أَنْ يَكُونَ وَقْفًا عَامًّا عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِيَكُونَ لِأَهْلِ كُلِّ عَصْرٍ فِيهِ حَظٌّ يَقُومُ بِكِفَايَتِهِمْ فَاسْتَنْزَلَهُمْ عَنْ أَصْلِ مِلْكِهِ، وَأَمَدَّهُمْ بِارْتِفَاعِهِ؛ لِيَكُونَ مَنْ يَأْتِي بَعْدَهُمْ فِيهِ بِمَثَابَتِهِمْ.
وَقَدْ رَوَى زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: لَوْلَا أَخْشَى أَنْ يَبْقَى آخِرُ النَّاسِ لَا شَيْءَ لَهُمْ لَتَرَكْتُكُمْ، وَمَا قُسِّمَ لَكُمْ، لَكِنْ أُحِبُّ أَنْ يَلْحَقَ آخِرُهُمْ أَوَّلَهُمْ، وتلا قوله تعالى: {والذين جاؤوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ} [الحشر: 10] .

(فَصْلٌ)
: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ فَتْحَ أَرْضِ السَّوَادِ عَنْوَةٌ انْتَقَلَ الْكَلَامُ إِلَى فَصْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: حُكْمُ أَرْضِ الْعَنْوَةِ.
وَالثَّانِي: مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ حُكْمُ أَرْضِ السَّوَادِ بَعْدَ الِاسْتِنْزَالِ.
فَأَمَّا الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي حُكْمِ كُلِّ أَرْضٍ إِذَا فُتِحَتْ عَنْوَةً، فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ عَلَى مَذَاهِبَ شَتَّى.

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 14  صفحه : 259
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست