responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 14  صفحه : 191
لَوْ جَازَ قَتْلُهَا لِغَيْظِهِمْ بِهَا كَانَ غَيْظُهُمْ بِقَتْلِ نِسَائِهِمْ أَكْثَرَ، وَذَلِكَ مَحْظُورٌ وَلَوْ قَتَلَهُ لِإِضْعَافِهِمْ كَانَ إِضْعَافُهُمْ بِقَتْلِ أَوْلَادِهِمْ وَذَلِكَ مُحَرَّمٌ فَبَطَلَ الْمَعْنَيَانِ فِي قَتْلِ الْبَهَائِمِ وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِهْلَاكِ الْأَمْوَالِ، وَقَطْعِ الْأَشْجَارِ، فَأَبُو حَنِيفَةَ يَمْنَعُ مِنْ قَطْعِ الْأَشْجَارِ وَيُبِيحُ قَتْلَ الْحَيَوَانِ، وَالشَّافِعِيُّ يُبِيحُ قَطْعَ الْأَشْجَارِ وَيَمْنَعُ مِنْ قَتْلِ الْحَيَوَانِ، فَصَارَا مُجْمِعَيْنِ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَشْجَارِ وَالْحَيَوَانِ، وَإِنْ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ فِي الْمُبَاحِ مِنْهُمَا وَالْمَحْظُورِ، فَصَارَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُمْتَنِعًا وَإِبَاحَةُ الْأَشْجَارِ، وَحَظْرُ الْحَيَوَانِ أَوْلَى مِنْ عَكْسِهِ لِأَنَّ لِلْحَيَوَانِ حُرْمَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: لِمَالِكِهِ، وَالْأُخْرَى لِخَالِقِهِ، فَإِذَا سَقَطَتْ حُرْمَةُ الْمَالِكِ لِكُفْرِهِ، بَقِيَتْ حُرْمَةُ الْخَالِقِ فِي بَقَائِهِ عَلَى حَظْرِهِ، وَلِذَلِكَ مُنِعَ مَالِكُ الْحَيَوَانِ مِنْ تَعْطِيشِهِ وَإِجَاعَتِهِ، لِأَنَّهُ إِنْ أَسْقَطَ حُرْمَةَ ملكه بَقِيَتْ حُرْمَةُ خَالِقِهِ، وَحُرْمَتُهُ أَكْبَرُ مِنْ حُرْمَةِ الْأَمْوَالِ، وَأَكْثَرُ مِنْ حَقِّ الْمَالِكِ وَحْدَهُ فَإِذَا سَقَطَ حُرْمَةُ مَالِكِهِ لِكُفْرِهِ جَازَ اسْتِهْلَاكُهُ لِزَوَالِ حُرْمَتِهِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى مَالِكِ الْمَالِ وَالشَّجَرِ اسْتِهْلَاكُهُ، وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ اسْتِهْلَاكُ حَيَوَانِهِ.

(مسألة)
: قال الشافعي: " لَوْ قَاتَلُونَا عَلَى خَيْلِهِمْ فَوَجَدْنَا السَّبِيلَ إِلَى قَتْلِهِمْ بِأَنْ نَعْقِرَ بِهِمْ فَعَلْنَا لِأَنَّهَا تَحْتَهُمْ أَدَاةٌ لِقَتْلِنَا وَقَدْ عَقَرَ حَنْظَلَةُ بْنُ الرَّاهِبِ بأبي سفيان بن حرب يوم أحد فانعكست بِهِ فَرَسُهُ فَسَقَطَ عَنْهَا فَجَلَسَ عَلَى صَدْرِهِ لِيَقْتُلَهُ فَرَآهُ ابْنُ شَعُوبٍ فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَتَلَهُ وَاسْتَنْقَذَ أَبَا سُفْيَانَ مِنْ تَحْتِهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا ذَكَرَ إِذَا قَاتَلُونَا عَلَى خَيْلِهِمْ جَازَ لَنَا أَنْ نَعْقِرَهَا عَلَيْهِمْ، لِنَصِلَ بِعُقْرِهَا إِلَى قَتْلِهِمْ وَالظَّفَرِ بِهِمْ، لِأَنَّهُمْ مُمْتَنِعُونَ بِهَا فِي الطَّلَبِ وَالْهَرَبِ أَكْثَرَ مِنَ امْتِنَاعِهِمْ بِحُصُونِهِمْ وَسِلَاحِهِمْ، فَصَارَتْ أَذًى لَنَا فَجَازَ اسْتِهْلَاكُهَا لِأَجْلِ الْأَذَى، كَمَا جَازَ اسْتِهْلَاكُ مَا صَالَ مِنَ الْبَهَائِمِ، وَإِنْ لَمْ يَجُزِ اسْتِهْلَاكُ مَا لَمْ يَصِلْ، وَقَدْ عَقَرَ حَنْظَلَةُ بْنُ الرَّاهِبِ فَرَسَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ يَوْمَ أُحُدٍ، وَاسْتَعْلَى عَلَيْهِ لِيَقْتُلَهُ فَرَآهُ ابْنُ شَعُوبٍ فَبَدَرَ إِلَى حَنْظَلَةَ وَهُوَ يَقُولُ:
(لَأَحْمِيَنَّ صَاحِبِي وَنَفْسِي ... بِطَعْنَةٍ مِثْلِ شُعَاعِ الشَّمْسِ)

ثُمَّ طَعَنَ حَنْظَلَةَ فَقَتَلَهُ، وَاسْتَنْقَذَ أَبَا سُفْيَانَ مِنْهُ فَخَلَصَ أَبُو سُفْيَانَ وَهُوَ يَقُولُ:
(فَمَا زَالَ مُهْرِي مَزْجَرَ الْكَلَبِ مِنْهُمْ ... لَدَى غُدْوَةٍ حَتَّى دَانَتْ لِغُرُوبِ 9 ...
(أُقَاتِلُهُمْ وادعي يال غالب ... وَأَدْفَعُهُمْ عَنِّي بُرِكُنِ صَلِيبِ)

(وَلَوْ شِئْتُ نَحَّتْنِي كُمَيْتٌ لِحَمْرَةٍ ... وَلَمْ أَحْمِلِ النَّغْمَاءَ لِابْنِ شَعُوبِ)

فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ شَعُوبٍ فَقَالَ مُجِيبًا لَهُ حِينَ لَمْ يَشْكُرْهُ:
(وَلَوْلَا دِفَاعِي يَا ابْنَ حَرْبٍ وَمَشْهَدِي ... لَأَلْفَيْتَ يَوْمَ النَّعْفِ غَيْرَ مُجِيبِ)

(وَلَوْلَا مَكَرِّي الْمُهْرَ بِالنَّعْفِ قَرْقَرَتْ ... ضِبَاعٌ عَلَيْهِ أَوْ ضِرَاءُ كَلِيبِ)

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 14  صفحه : 191
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست