responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 13  صفحه : 353
الْآيَةِ: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يقدروا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 34] وهذا من حُكْمِ الْمُسْلِمِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ ففي قوله: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33] ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: مَعْنَاهُ يُعَادُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَهَذَا قَوْلُ جُوَيْبِرٍ.
وَالثَّانِي: يُخَالِفُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ.
وَالثَّالِثُ: يُحَارِبُونَ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ.
وَفِي قَوْلِهِ: {وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا} [المائدة: 33] قولان:
أحدهما: أن هذا الفساد فِعْلُ الْمَعَاصِي الَّذِي يَتَعَدَّى ضَرَرُهَا إِلَى غَيْرِ فاعلها كالزنا والقتل والسرقة هذا قَوْلُ مُجَاهِدٍ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّ هَذَا الْفَسَادَ خَاصٌّ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ وَإِخَافَةِ السَّبِيلِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ تِلْكَ الْمَعَاصِي مُبَيَّنٌ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْآيَةِ فَكَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي غَيْرِهَا مِنَ الْمَعَاصِي.

(فَصْلٌ)
فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالْمُحَارِبِينَ مِنْ قطاع الطريق ومخيفي السبل الذين يَعْتَرِضُونَ السَّابِلَةَ مُجَاهَرَةً وَمُحَارَبَةً فَيَأْخُذُونَ أَمْوَالَهُمْ وَيَقْتُلُونَ نُفُوسَهُمْ فَقَدْ حَكَمَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ بِأَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ ذَكَرَهَا فِي الْآيَةِ فَقَالَ: {أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} [المائدة: 33] فَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ الْأَرْبَعَةِ التيِ جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى عُقُوبَةً لَهُمْ هَلْ وَجَبَتْ عَلَى طَرِيقِ التَّخْيِيرِ فِي أَنْ يَفْعَلَ الْإِمَامُ مِنْهَا ما رآه صَلَاحًا أَوْ وَجَبَتْ عَلَى طَرِيقِ التَّرْتِيبِ فَتَكُونُ كُلُّ عُقُوبَةٍ مِنْهَا فِي مُقَابَلَةِ ذَنْبٍ لَا يَتَعَدَّاهُ إِلَى غَيْرِهِ اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، ومجاهد، وعطاء، والنخعي، ومالك وداود في أَهْلِ الظَّاهِرِ إِنَّهَا وَجَبَتْ عَلَى طَرِيقِ التَّخْيِيرِ فِي أَنْ يَفْعَلَ الْإِمَامُ مِنْهَا مَا شَاءَ لِقَوْلِهِ: {أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا} [المائدة: 33] وَ " أَوْ) تَدْخُلُ فِي الْكَلَامِ لِلتَّخْيِيرِ فِي الْأَوَامِرِ وَالشَّكِّ فِي الْأَخْبَارِ، وَهَذَا أَمْرٌ فَكَانَتْ لِلتَّخْيِيرِ كهي في كفارة الْيَمِينِ.
وَالثَّانِي: قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ إِنَّهَا وَجَبَتْ عَلَى طَرِيقِ التَّرْتِيبِ لِثَلَاثَةِ أُمُورٍ:
أَحَدُهَا: أن اختلاف العقوبات توجب اخْتِلَافَ أَسْبَابِهَا.
وَالثَّانِي: أَنَّ التَّخْيِيرَ مُفْضٍ إِلَى أَنْ يُعَاقَبَ مَنْ قَلَّ جُرْمُهُ بِأَغْلَظِ الْعُقُوبَاتِ وَمَنْ كَثُرَ جُرْمُهُ بِأَخَفِّ الْعُقُوبَاتِ، وَالتَّرْتِيبُ يَمْنَعُ من هذا التناقض؛ لأنه يعاقب في أقل الْجُرْمِ بِأَخَفِّ الْعُقُوبَاتِ، وَفِي كَثْرَةِ الْجُرْمِ بِأَغْلَظِهَا فكان أولى.

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 13  صفحه : 353
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست