responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 13  صفحه : 110
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: عَلَامَ نُقَاتِلُهُمْ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ) . فَوَكَزَ أَبُو بَكْرٍ فِي صَدْرِ عُمَرَ وَقَالَ: إِلَيْكَ عَنِّي شَدِيدًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ خَوَّارًا فِي الْإِسْلَامِ، وَهَلْ هَذَا إِلَّا مِنْ حَقِّهَا؟
قَالَ عُمَرُ: فَشَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ فَحِينَئِذٍ أَجْمَعُوا مَعَهُ عَلَى قِتَالِهِمْ مَعَ بَقَائِهِمْ عَلَى إِسْلَامِهِمْ، وَلَمْ يَكُنِ الْإِسْلَامُ مَانِعًا مِنْ قِتَالِهِمْ، لِأَنَّهُمْ مَنَعُوا حَقًّا عَلَيِهِمْ.
وَكَذَلِكَ حَالُ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي قِتَالِ مَنْ قَاتَلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَلَا يَكُونُ كَفُّ عُثْمَانَ وَتَسْلِيمُ الْحَسَنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - حُجَّةً عَلَيْهِ، لِأَنَّ لِكُلِّ وَقْتٍ حُكْمًا، وَلِكُلِّ مُجْتَهِدٍ رَأْيًا.
وَلَا يَمْنَعُ إِسْلَامُ مَانِعِي الزَّكَاةِ فِي عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ مِنْ إِطْلَاقِ اسْمِ الرِّدَّةِ عَلَيْهِمْ لُغَةً، وَإِنْ لَمْ يَنْطَلِقْ عَلَيْهِمْ شَرْعًا، لِأَنَّهُ لِسَانٌ عَرَبِيٌّ، وَالرِّدَّةُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ الرُّجُوعُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} [الكهف: 64] أَيْ رَجَعَا، فَانْطَلَقَ اسْمُ الرِّدَّةِ عَلَى مَنْ رَجَعَ عَنِ الزَّكَاةِ كَانْطِلَاقِهِ عَلَى مَنْ رَجَعَ عَنِ الدِّينِ.
فَهَذَا أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ فِي مُرَادِ الشَّافِعِيِّ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

(فَصْلٌ)
وَأَمَّا الْأَمْرُ الثَّانِي مِنْ مُرَادِهِ بِهَا: فَالْكَلَامُ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي مَانِعِي الزَّكَاةِ، وَهُمْ ضَرْبَانِ:
ضَرْبٌ: مَنَعُوهَا فِي عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ.
وَضَرْبٌ: مَنَعُوهَا مِنْ بَعْدُ.
فَأَمَّا مَانِعُوهَا عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ: فَهُمْ مَنْ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُمْ بِمَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِمْ مِنْ تَأْوِيلِ الْآيَةِ، فَلَا يكونوا مُرْتَدِّينَ وَهُمْ بَاقُونَ عَلَى إِسْلَامِهِمْ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: قَدِ ارْتَدُّوا بِامْتِنَاعِهِمْ عَنْهَا، لِاسْتِحْلَالِهِمْ مَا نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى خِلَافِهِ، كَمَا لَوِ اسْتَحَلُّوا الْآنَ مَنْعَهَا وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الصحابة عارضوا أبا بكر - رضي الله عنهم - فِي الْأَمْرِ بِقِتَالِهِمْ لِبَقَائِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَوَافَقَهُمْ أَبُو بَكْرٍ عَلَى إِسْلَامِهِمْ، وَبَيَّنَ السَّبَبَ الْمُوجِبَ لِقِتَالِهِمْ، وَلَوِ ارْتَدُّوا لَمَا عَارَضُوهُ، وَلَمَا احْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِمَا احْتَجَّ، فَدَلَّ عَلَى إِجْمَاعِهِمْ أَنَّهُمْ بَاقُونَ عَلَى إِسْلَامِهِمْ.
وَلِأَنَّ الْقَوْمَ حِينَ تَابُوا وَقَدِمُوا عَلَى أَبِي بَكْرٍ قَالُوا: وَاللَّهِ مَا كَفَرْنَا بَعْدَ إِيمَانِنَا وَلَكِنْ شَحَحْنَا عَلَى أَمْوَالِنَا.

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 13  صفحه : 110
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست