responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 12  صفحه : 96
وَحَدِيثُ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ثَمَّ أَنْتُمْ يَا خُزَاعَةُ قَدْ قَتَلْتُمْ هَذَا الْقَتِيلَ مِنْ هُذَيْلٍ وَأَنَا وَاللَّهِ عَاقِلُهُ، فَمَنْ قَتَلَ قَتِيلًا بَعْدَهُ فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيرَتَيْنِ إِنْ أَحَبُّوا قَتَلُوا، وَإِنْ أَحَبُّوا أَخَذُوا الْعَقْلَ ". فَجَعَلَ الْوَلِيَّ مُخَيَّرًا بَيْنَ الْقَوَدِ وَالدِّيَةِ وَهَذَا نَصٌّ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رُوِيَ: " إِنْ أَحَبُّوا قَتَلُوا وَإِنْ أَحَبُّوا فَادَوْا " وَالْمُفَادَاةُ لَا تَكُونُ إِلَّا عَنْ مُرَاضَاةٍ.
قِيلَ: هَذِهِ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ، وَتُحْمَلُ الْمُفَادَاةُ فِيهَا عَلَى بَذْلِ الدِّيَةِ الَّتِي لَا تُسْتَحَقُّ إِلَّا عَنْ مُرَاضَاةٍ، وَيُحْمَلُ خَبَرُنَا فِي خِيَارِ الْوَلِيِّ عَلَى أَصْلِ الدِّيَةِ الَّتِي لَا تَفْتَقِرُ إِلَى مُرَاضَاةٍ لِيُسْتَعْمَلَ الْخَبَرَيْنِ، وَلَا يَسْقُطُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، وَلِأَنَّ الْقَوَدَ قَدْ يَسْقُطُ بعفو الولي إذا كان واحداً، ويعفوا أَحَدُهُمْ إِذَا كَانُوا جَمَاعَةً، ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّ سُقُوطَهُ بِعَفْوِ أَحَدِهِمْ مُوجِبٌ لِلدِّيَةِ بِغَيْرِ مُرَاضَاةٍ فَكَذَلِكَ يَكُونُ وُجُوبُهَا بِعَفْوِ جَمِيعِهِمْ.
وَتَحْرِيرُهُ قِيَاسًا: أَنَّهُ قَوَدٌ سَقَطَ بِالْعَفْوِ عَنْهُ فَلَمْ تَقِفِ الدِّيَةُ فِيهِ عَلَى مُرَاضَاةٍ كَمَا لَوْ عَفَا عَنْهُ أَحَدُهُمْ.
وَلِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْقَوَدِ لَا يَمْنَعُ مِنِ اخْتِيَارِ الدِّيَةِ كَمَا لَوْ قَطَعَ كَفًّا كَامِلَةَ الْأَصَابِعِ، وَفِي كَفِّهِ أَرْبَعَةُ أَصَابِعَ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ.
فَإِنْ أَحَبَّ الدِّيَةَ أَخَذَ دِيَةً كَامِلَةً، وَإِنْ أَحَبَّ الْقِصَاصَ اقْتُصَّ عِنْدَهُمْ بِالْكَفِّ النَّاقِصَةِ، ولا شي لَهُ غَيْرُهَا، وَعِنْدَنَا يُقْتَصُّ مِنْهَا، وَيُؤْخَذُ دِيَةُ الْأُصْبُعِ النَّاقِصَةِ مِنْ كَفِّ الْجَانِي، وَلِأَنَّ لِلْقَتْلِ بدلين، وأغلظهما الْقَوَدُ وَأَخَفُّهُمَا الدِّيَةُ فَلَمَّا مَلَكَ الْقَوَدَ الْأَغْلَظَ بِغَيْرِ مُرَاضَاةٍ كَانَ بِأَنْ يَمْلِكَ الدِّيَةَ الْأَخَفَّ بِغَيْرِ مُرَاضَاةٍ أَوْلَى، وَلِأَنَّ قَتْلَ الْعَمْدِ أَغْلَظُ وَقَتْلَ الْخَطَأِ أَخَفُّ، فَلَمَّا مَلَكَ الدِّيَةَ فِي أَخَفِّهِمَا فَأَوْلَى أَنْ يَمْلِكَهَا فِي أَغْلَظِهِمَا.
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْآيَتَيْنِ: فَهُوَ أَنَّ وُجُوبَ الْقِصَاصِ فِيهِمَا لَا يَمْنَعُ مِنَ العَفْوِ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ كَالْمُرَاضَاةِ.
وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى إِتْلَافِ الْمَالِ فَالْمَعْنَى فِيهِ: أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ إِلَّا بَدَلٌ وَاحِدٌ، وَلِلْقَتْلِ بَدَلَانِ فَافْتَرَقَا.
وَقَوْلُهُمْ: لَمَّا لَمْ يَمْلِكِ الْعُدُولَ عَنْ دِيَةِ الْخَطَأِ إِلَّا بِالْمُرَاضَاةِ كَذَلِكَ الْقَوَدُ الْعَمْدُ. فَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الْقَوَدَ أَغْلَظُ وَالِدِّيَةَ أَخَفُّ فَمَلَكَ إِسْقَاطَ الْأَغْلَظِ بِالْأَخَفِّ، وَلَمْ يَمْلِكْ إِسْقَاطَ الْأَخَفِّ بِالْأَغْلَظِ، وَمَا اعْتَبَرُوهُ مِنْ قَتْلِ الدَّفْعِ الَّذِي لَا يَمْلِكُ فِيهِ الدِّيَةَ فَلَا يُشْبِهُ قَتْلَ الْقَوَدِ، لِأَنَّهُ يَمْلِكُ بِقَتْلِ الدَّفْعِ إِحْيَاءَ نَفْسِهِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُبْدِلَهَا بِالدِّيَةِ مُرَاضَاةً وَلَا اخْتِيَارًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَتْلُ الْقَوَدِ، لِأَنَّهُ مَلَكَ بِهِ اسْتِيفَاءَ حَقٍّ يَجُوزُ أَنْ يَعْدِلَ عَنْهُ

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 12  صفحه : 96
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست