responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 12  صفحه : 58
يَتَوَلَّى أَخْذَ أَرْشِهِ وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: " كَانَ لِوَلِيِّهِ الْمُسْلِمِ أَنْ يَقْتَصَّ بِالْجُرْحِ " إِشَارَةً إِلَى الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ مُسْتَحِقَّ الْقِصَاصِ وَمُسْتَوْفِيَهُ أَوْلِيَاؤُهُ الْمُسْلِمُونَ، وَإِنْ لَمْ يَرِثُوهُ، لِأَنَّ الْقِصَاصَ مَوْضُوعٌ لِلتَّشَفِّي وَدَفْعِ الِاسْتِطَالَةِ فَاخْتَصَّ بِهِ الْأَوْلِيَاءُ دُونَ غَيْرِهِمْ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَقْتَصُّوا أَوْ يَعْفُوا عَنِ الْقِصَاصِ إِلَى الْأَرْشِ، وَلَا يَصِحُّ عَفْوُهُمْ عَنِ الْأَمْرَيْنِ؛ لِأَنَّهُمْ مَلَكُوا الْقِصَاصَ وَلَمْ يَمْلِكُوا الْأَرْشَ فَصَحَّ عَفْوُهُمْ عَمَّا مَلَكُوهُ مِنَ القِصَاصِ وَلَمْ يَصِحَّ عَفْوُهُمْ عَمَّا لَمْ يَمْلِكُوهُ مِنَ الأَرْشِ؛ فَإِنْ سَقَطَ الْقِصَاصُ بِعَفْوِهِمْ أَوْ بِعَفْوِ الْإِمَامِ إِنْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَوْفِيَ لَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ تَعَيَّنَ اسْتِحْقَاقُ الْأَرْشِ، وَلَمْ يَصِحَّ عَفْوُ الْإِمَامِ عَنْهُ كَمَا لَا يَصِحُّ عَفْوُ الْأَوْلِيَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَخْلُ حَالُ الْأَرْشِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ دِيَةِ النَّفْسِ كَقَطْعِ إِحْدَى الْيَدَيْنِ، فِيهَا نِصْفُ الدِّيَةِ فَيُوجِبُهَا وَيَسْقُطُ مَا زَادَ عَلَيْهَا بِالسِّرَايَةِ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مِثْلَ دِيَةِ النَّفْسِ كَقَطْعِ الْيَدَيْنِ، فِيهِمَا كَمَالُ الدِّيَةِ فَيُوجِبُ الدِّيَةَ الْكَامِلَةَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِلسِّرَايَةِ تَأْثِيرٌ فِي الزِّيَادَةِ. وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ دِيَةِ النَّفْسِ كَقَطْعِ الْيَدَيْنِ، وَجَدْعِ الْأَنْفِ، وَمِنْ حُكْمِ ذَلِكَ فِي الْمُسْلِمِ أَنَّهَا إِذَا انْدَمَلَتْ وَجَبَ فِيهَا دِيَتَانِ، وَإِنْ سَرَتْ إِلَى النَّفْسِ وَجَبَ فِيهَا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ نَفْسًا فَلَمْ تَزِدْ عَلَى دِيَةِ النَّفْسِ، فَأَمَّا إِذَا سَرَتْ إِلَى النَّفْسِ فِي حَالِ الرِّدَّةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهَا عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ يَغْلِبُ حُكْمُ السِّرَايَةِ فِي الدِّيَةِ عَلَى حُكْمِ الْجِنَايَةِ، فَلَا يَجَبُ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ دِيَةٍ؛ لِأَنَّهَا قَدْ صَارَتْ نَفْسًا فَتَصِيرُ الْجِنَايَةُ مَضْمُونَةً بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أَرْشِهَا أَوْ دِيَةِ النَّفْسِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ أَنَّهَا تُضْمَنُ بِمَا بَلَغَ مِنْ أَرْشِهَا وَإِنْ زَادَ عَلَى دِيَةِ النَّفْسِ أَضْعَافًا لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ سُقُوطَ الْقَوَدِ فِي النَّفْسِ يُجْرِي عَلَى الْجُرْحِ حُكْمَ الِانْدِمَالِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ حُكْمُ السِّرَايَةِ إِذَا نَقَصَ أَرْشُ الْجُرْحِ عَنْ دِيَةِ النَّفْسِ سَقَطَ حُكْمُ السِّرَايَةِ إِذَا زَادَ الْأَرْشُ عَلَى دِيَةِ النَّفْسِ، وَتَصِيرُ الْجِنَايَةُ مَضْمُونَةً بِمَبْلَغِ أَرْشِهَا فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَرَدَّ أَصْحَابُنَا عَلَيْهِ هَذَا الِاسْتِدْلَالَ بِأَنَّ حُرْمَةَ نَفْسِهِ لَوِ اسْتَدَامَ الْإِسْلَامَ أَغْلَظَ مِنْ حُرْمَتِهَا إِذَا ارْتَدَّ، فَلَا يَجِبُ فِيهِ مَعَ اسْتِدَامَةِ إِسْلَامِهِ أَكْثَرُ مِنَ الدِّيَةِ فَلِأَنْ لَا يَجِبَ فِيهَا مَعَ الرِّدَّةِ أَكْثَرُ مِنَ الدِّيَةِ أَوْلَى وَأَشْبَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 12  صفحه : 58
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست