responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 12  صفحه : 247
وَأُخْرَى تَقُولُ مَحَلُّهُ الْقَلْبُ.
وَأُخْرَى تَقُولُ مُشْتَرَكٌ فِيهِمَا، وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ مِنْ أَقَاوِيلِهِمْ أَنَّ مَحَلَّهُ الْقَلْبُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} [الحج: 46] وَلِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الْعُلُومِ.
وَالثَّانِي: تَعَذُّرُ اسْتِيفَائِهِ، لِأَنَّهُ يَذْهَبُ يَسِيرَ الْجِنَايَةِ وَلَا يَذْهَبُ بِكَثِيرِهَا، فَأَمَّا الدِّيَةُ فَوَاجِبَةٌ فِيهِ عَلَى كَمَالِهَا لِرِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فِي كِتَابِهِ إِلَى الْيَمَنِ " فِي الْعَقْلِ الدِّيَةُ ".
وَرَوَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فِي الْعَقْلِ الدِّيَةُ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ ".
وَقَضَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْمَشْجُوجِ رَأْسُهُ حِينَ ذَهَبَ بِهَا سَمْعُهُ وَعَقْلُهُ وَلِسَانُهُ وَذَكَرُهُ بِأَرْبَعِ دِيَاتٍ، وَلِأَنَّ الْعَقْلَ أَشْرَفُ مِنْ حَوَاسِّ الْجَسَدِ كُلِّهَا لِامْتِيَازِهِ بِهِ مِنَ الْحَيَوَانِ الْبَهِيمِ، وَفَرْقِهِ بِهِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَتَوَصُّلِهِ بِهِ إِلَى اخْتِلَافِ الْمَنَافِعِ وَوَقْعِ الْمَضَارِّ، وَتَعَلُّقِ التَّكْلِيفِ بِهِ، فَكَانَ أَحَقَّ بِكَمَالِ الدِّيَةِ مِنْ جَمِيعِ الْحَوَاسِّ مَعَ تَأْثِيرِ ذَهَابِهِ فِيهَا وَفَقْدِ أَكْثَرِ مَنَافِعِهَا.

(فَصْلٌ)
إِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ الدِّيَةِ بِذَهَابِ الْعَقْلِ فَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ فِي الْعَقْلِ الْغَرِيزِيِّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّكْلِيفُ، وَهُوَ الْعِلْمُ بِالْمُدْرِكَاتِ الضَّرُورِيَّةِ، فَأَمَّا الْعَقْلُ الْمُكْتَسَبُ الَّذِي هُوَ حُسْنُ التَّقْدِيرِ وَإِصَابَةُ التَّدْبِيرِ وَمَعْرِفَةُ حَقَائِقِ الْأُمُورِ فَلَا دِيَةَ فِيهِ مَعَ بَقَاءِ الْعَقْلِ الْغَرِيزِيِّ، وَفِيهِ حُكُومَةٌ، [لِمَا أَحْدَثَ مِنَ الدَّهَشِ بَعْدَ التَّيَقُّظِ، وَالِاسْتِرْسَالِ بَعْدَ التَّحَفُّظِ، وَالْغَفْلَةِ بَعْدَ الْفِطْنَةِ يُعْتَبَرُ بِحُكُومَتِهِ] قَدْرُ مَا حَدَثَ مِنْ ضَرَرِهِ، وَلَا يُبْلَغُ بِهِ كَمَالُ الدِّيَةِ، لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْعَقْلِ الْغَرِيزِيِّ، وَلَا يَتَبَعَّضُ الْعَقْلُ الْغَرِيزِيُّ فِي ذَاتِهِ، لِأَنَّهُ مَحْدُودٌ بِمَا لَا يَتَجَزَّأُ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَذْهَبَ بَعْضُهُ وَيَبْقَى بَعْضُهُ، وَلَكِنْ قَدْ يَتَبَعَّضُ زَمَانُهُ فَيَعْقِلُ يَوْمًا وَيُجَنُّ يَوْمًا، فَإِنْ تَبَعَّضَ زَمَانُهُ بِالْجِنَايَةِ فَكَانَ يَوْمًا وَيَوْمًا لَزِمَ الْجَانِيَ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ يَعْقِلُ فِي يَوْمٍ وَيُجَنُّ فِي يَوْمَيْنِ لَزِمَهُ ثُلُثَا دِيَتِهِ.
(فَصْلٌ)
وَأَمَّا الْجِنَايَةُ الَّتِي يَزُولُ بِهَا الْعَقْلُ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ عَنْ مُبَاشَرَةٍ.
وَالثَّانِي: عَنْ غَيْرِ مُبَاشِرَةٍ.

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 12  صفحه : 247
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست