responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 12  صفحه : 198
فَأَمَّا صِفَةُ مَا يُسْتَوْفَى بِهِ الْقِصَاصُ مِنَ الحَدِيدِ فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ حَكَمَ بِاسْتِيفَائِهِ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ قَاضٍ أَنْ يَتَفَقَّدَهُ حَتَّى لَا يَكُونَ مَثْلُومًا كَالًّا وَلَا مَسْمُومًا، لِأَنَّ الْكَالَّ يُعَذِّبُ الْمُقْتَصَّ مِنْهُ وَالْمَسْمُومَ يَهْرِي لَحْمَهُ، فَإِنِ اقْتَصَّ بِكَالٍّ مَثْلُومٍ لَمْ يُعَزَّرْ، وَإِنِ اقْتَصَّ بِمَسْمُومٍ فَإِنْ كَانَ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ فَقَدِ اسْتَوْفَى وَلَا غُرْمَ فِي السُّمِّ لَكِنْ يُعَزَّرُ الْمُقْتَصُّ أَدَبًا، كَمَا لَوْ قَطَعَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ بَعْدَ قَتْلِهِ قِطَعًا، وَإِنْ كَانَ فِي طَرَفٍ فَأَفْضَى السُّمُّ إِلَى تَلَفِهِ وَصَارَ التَّلَفُ حَادِثًا عَنِ الْقِصَاصِ الَّذِي لَا يُضْمَنُ وَعَنِ السُّمِّ الَّذِي يُضْمَنُ فَيَلْزَمُ نِصْفُ الدِّيَةِ لحدوث لتلف عَنْ مُبَاحٍ وَمَحْظُورٍ كَمَنْ جَرَحَ مُرْتَدًّا ثُمَّ أَسْلَمَ وَجَرَحَهُ بَعْدَ إِسْلَامِهِ أُخْرَى ثُمَّ مَاتَ ضَمِنَ نِصْفَ دِيَتِهِ لِتَلَفِهِ عَنْ سَبَبَيْنِ أَحَدُهُمَا مباح والآخر محظور.

(مسألة)
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَيُرْزَقُ مَنْ يُقِيمُ الْحُدُودَ وَيَأْخُذُ الْقِصَاصَ مِنْ سَهْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنَ الخُمُسِ كَمَا يُرْزَقُ الْحُكَّامُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَى الْمُقْتَصِّ مِنْهُ الْأَجْرُ كَمَا عَلَيْهِ أَجْرُ الْكَيَّالِ وَالْوَزَّانِ فِيمَا يَلْزَمُهُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْدُبَ لِاسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ رَجُلًا أَمِينًا يُرْزَقُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إِنْ لَمْ يَجِدْ مُتَطَوِّعًا، لِأَنَّهُ مِنَ المَصَالِحِ الْعَامَّةِ، وَيَكُونُ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ وَهُوَ خُمْسِ الْخُمْسِ سَهْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنَ الفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ الْمُعَدِّ بَعْدَهُ لِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، فَإِذَا اسْتَوْفَى الْجَلَّادُ الْقِصَاصَ أُعْطِيَ أُجْرَتَهُ مِنْهُ، فَإِنْ أَعْوَزَ بَيْتُ الْمَالِ أَوْ كَانَ فِيهِ وَلَزِمَ صَرْفُهُ فِيمَا هُوَ أَوْلَى مِنْهُ مِنْ سَدِّ الثُّغُورِ وَفِي أَرْزَاقِ الْجُيُوشِ مِنْهُ كَانَتْ عَلَى الْمُقْتَصِّ مِنْهُ أُجْرَتُهُ دُونَ الْمُقْتَصِّ لَهُ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أُجْرَتُهُ عَلَى الْمُقْتَصِّ لَهُ دُونَ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَيِّنٌ، وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إِلَى الْفَصْلِ بَيْنَ حَقِّهِ مِنْ حَقِّ غَيْرِهِ فَكَانَتْ أُجْرَةُ الْفَاضِلِ عَلَى مُسْتَوْفِيهِ كَمُشْتَرِي الثَّمَرَةِ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ لُقَاطِهَا وَجِذَاذِهَا، وَكَمُشْتَرِي الصُّبْرَةِ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ حَمَّالِهَا وَنَقَّالِهَا، وَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ أُجْرَةُ مُتَعَدِّ الْمَالِ عَلَى مُسْتَوْفِيهِ دُونَ مُوفِيهِ كَذَلِكَ الْقِصَاصُ، وَلِأَنَّ الْعَامِلَ فِي الصَّدَقَاتِ مُسْتَوْفٍ مِنْ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ لَأَهْلِ السُّهْمَانِ، ثُمَّ كَانَتْ أُجْرَتُهُ فِي مَالِ أَهْلِ السُّهْمَانِ الْمُسْتَوْفَى لَهُمْ دُونَ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ الْمُسْتَوْفَى مِنْهُمْ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ أُجْرَةُ الْمُقْتَصِّ فِي مَالِ الْمُسْتَوْفَى لَهُ دُونَ الْمُسْتَوْفَى مِنْهُ.
وَدَلِيلُنَا هُوَ أَنَّ الْقِصَاصَ اسْتِيفَاءُ حَقٍّ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ أُجْرَتُهُ عَلَى الْمُوفِي دُونَ الْمُسْتَوْفي كَأُجْرَةِ الْكَيَّالِ وَالْوَزَّانِ، وَلِأَنَّهُ قَطْعٌ مُسْتَحَقٌّ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ أُجْرَتُهُ عَلَى الْمَقْطُوعِ مِنْهُ كَالْخِتَانِ وَحَلْقِ شَعْرِ الْمُحْرِمِ.
فَإِنْ قِيلَ فَالْخِتَانُ وَحَلْقُ شَعْرِ الْمُحْرِمِ حَقٌّ لِلْمَقْطُوعِ مِنْهُ فَلِذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ أُجْرَتُهُ وَالْقِصَاصُ حَقٌّ لِلْمَقْطُوعِ لَهُ دُونَ الْمَقْطُوعِ مِنْهُ فَكَانَ الْمَقْطُوعُ لَهُ أَوْلَى بِالْتِزَامِ أُجْرَتِهِ مِنَ المَقْطُوعِ منه.

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 12  صفحه : 198
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست