responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 334
يَتَنَاوَلْ إِلَّا أَكْثَرَهَا؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ فِي الْعَدَدِ، وَأَقْرَبُ إِلَى الْعِلْمِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدَّرَ نصاب الزكاة خمسة أَوْسُقٍ؛ لِأَنَّ الْوَسْقَ أَكْبَرُ مِقْدَارٍ لَهُمْ، وَلَمْ يُقَدِّرْهُ بِالْمُدِّ، وَلَا بِالصَّاعِ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ قِلَالَ هَجَرَ مُتَمَاثِلَةٌ لَا تَخْتَلِفُ، وَغَيْرُهَا مِنَ الْقِلَالِ قَدْ تَخْتَلِفُ بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ، وَمَا يَخْتَلِفُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ حَدًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ بِالْمَحْدُودِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ قِلَالَ هَجَرَ مُتَمَاثِلَةٌ مَا رَوَى قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فِي وَصْفِ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى " رَأَيْتُ أَوْرَاقَهَا كَأَذَانِ الْفِيَلَةِ وَنَبْقَهَا كَقِلَالِ هَجَرَ " فَلَوْ كَانَتْ قِلَالُ هَجَرَ مُخْتَلِفَةَ الْمِقْدَارِ لَمَا عَلِمُوا بِهَذَا التَّشْبِيهِ قَدْرَ نَبْقِهَا، وَلَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ لَغْوًا فَإِذَا ثَبَتَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ النَّصِّ وَالِاسْتِدْلَالِ أَنَّهَا بِقِلَالِ هَجَرَ فَلَيْسَتْ مَجْلُوبَةً مِنْ هَجَرِ الْبَحْرَيْنِ، وَإِنَّمَا هِيَ مَعْمُولَةٌ بِالْمَدِينَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ نِسْبَتِهَا إِلَى هَجَرَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِأَنَّهَا تُعْمَلُ بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْمَدِينَةِ، تُسَمَّى هَجَرَ، وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا عُمِلَتْ عَلَى مِثَالِ قِلَالِ هَجَرَ، كَمَا يُقَالُ: ثَوْبٌ مَرْوِيٌّ وَإِنْ عُمِلَ بِالْعِرَاقِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى مِثَالِ ما يعلم بِمُرْوٍ.

(فَصْلٌ: احْتِيَاطُ الشَّافِعِيِّ فِي تَقْدِيرِهِ لِلْقُلَّتَيْنِ)
ثُمَّ إِنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَرَ قِلَالَ هَجَرَ، وَلَا أَهْلَ عَصْرِهِ؛ لِأَنَّهَا تُرِكَتْ وَنَفِدَتْ فَاحْتَاجَ إِلَى تَقْدِيرِهَا بِمَا هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ وَمُشَاهَدٌ مِنْهُمْ فَقَدَّرَهَا بِقِرَبِ الْحِجَازِ؛ لِأَنَّهَا مُتَمَاثِلَةٌ مَشْهُورَةٌ، فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ: قَدْ رَأَيْتُ قِلَالَ هَجَرَ، والَقُلَّةُ تَسَعُ قِرْبَتَيْنِ، أَوْ قَالَ: قِرْبَتَيْنِ وَشَيْئًا، قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ تَكُونَ الْقُلَّتَانِ خَمْسُ قِرَبٍ.
فَإِنْ قِيلَ: فَهَذَا تَقْلِيدٌ مِنْهُ لِابْنِ جُرَيْجٍ، وَالتَّقْلِيدُ عِنْدَهُ لَا يَجُوزُ، قِيلَ: لَيْسَ هَذَا تَقْلِيدًا فِي حُكْمٍ، وَإِنَّمَا هُوَ قَبُولُ خَبَرٍ فِي مَغِيبٍ، وَذَلِكَ جائز.
فإن قيل: لما جُعِلَ الشَّيْءُ الزَّائِدُ عَلَى الْقِرْبَتَيْنِ نِصْفًا وَزَعَمَ أَنَّهُ احْتِيَاطٌ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ مُنْطَلِقًا عَلَى أَكْثَرِ مِنَ النِّصْفِ، قِيلَ: الشَّيْءُ ها هنا نِصْفٌ فِي الِاحْتِيَاطِ لِثَلَاثَةِ أُمُورٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ شَكَّ فِي الْقَدْرِ هَلْ هُوَ قِرْبَتَانِ أَوْ قِرْبَتَانِ وَشَيْءٌ؟ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الشَّكُّ إِلَّا يَسِيرًا هُوَ أَقَلُّ مِنَ النِّصْفِ لِيَخْفَى وَلَا يَكْثُرَ فَيَزُولُ الشَّكُّ فِيهِ فَلَمَّا جَعَلَهُ نِصْفًا، وَمُقْتَضَى الْحَالِ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنَ النِّصْفِ كَانَ احْتِيَاطًا.
وَالثَّانِي: أَنَّ الشَّيْءَ إِذَا كَانَ مُسْتَعْمَلًا فِي التَّبْعِيضِ كَانَ مُشَارًا بِهِ فِي الْعُرْفِ إِلَى أَقَلِّ الْبَعْضَيْنِ فَإِذَا كَانَ الْبَعْضُ الزَّائِدُ عَلَى الشَّيْئَيْنِ أَقَلَّ مِنَ النِّصْفِ قَالُوا اثْنَيْنِ وَشَيْءٌ، وَإِذَا كَانَ أَكْثَرُ مِنَ النِّصْفِ، قَالُوا ثَلَاثَةً إِلَّا شَيْئًا، فَلَمَّا جُعِلَ الشَّيْءُ الزَّائِدُ نِصْفًا كَامِلًا كان احتياطاً.

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 334
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست