responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأم للشافعي نویسنده : الشافعي    جلد : 4  صفحه : 221
هَذَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَكَيْفَ لَا تُجِيزُ شَهَادَةَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَفِي ذَلِكَ إبْطَالُ الْحُكْمِ عَنْهُمْ؟ قِيلَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] وَقَالَ {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] فَلَمْ يَكُونُوا مِنْ رِجَالِنَا وَلَا مِمَّنْ نَرْضَى مِنْ الشُّهَدَاءِ فَلَمَّا وَصَفَ الشُّهُودَ مِنَّا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْضَى بِشَهَادَةِ شُهُودٍ مِنْ غَيْرِنَا لَمْ يَجُزْ أَنْ نَقْبَلَ شَهَادَةَ غَيْرِ مُسْلِمٍ وَأَمَّا إبْطَالُ حُقُوقِهِمْ فَلَمْ نُبْطِلْهَا إلَّا إذَا لَمْ يَأْتِنَا مَا يَجُوزُ فِيهِ وَكَذَلِكَ يَصْنَعُ بِأَهْلِ الْبَادِيَةِ وَالشَّجَرِ وَالْبَحْرِ وَالصِّنَاعَاتِ لَا يَكُونُ مِنْهُمْ مَنْ يُعْرَفُ عَدْلُهُ وَهُمْ مُسْلِمُونَ فَلَا يَجُوزُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَقَدْ تَجْرِي بَيْنَهُمْ الْمَظَالِمُ وَالتَّدَاعِي وَالتِّبَاعَاتُ كَمَا تَجْرِي بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلَسْنَا آثِمِينَ فِيمَا جَنَى جَانِيهِمْ وَمَنْ أَجَازَ شَهَادَةَ مَنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِإِجَازَةِ شَهَادَتِهِ أَثِمَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ عَمَلٌ نُهِيَ عَنْ عَمَلِهِ فَإِنْ قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [المائدة: 106] قَرَأَ الرَّبِيعُ إلَى {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} [المائدة: 106] فَمَا مَعْنَاهُ؟ قِيلَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُعَاذُ بْنُ مُوسَى الْجَعْفَرِيُّ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حِبَّانَ قَالَ بُكَيْر قَالَ مُقَاتِلٌ أَخَذْت هَذَا التَّفْسِيرَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ وَالضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 106] الْآيَةَ «أَنَّ رَجُلَيْنِ نَصْرَانِيَّيْنِ مِنْ أَهْلِ دَارَيْنِ أَحَدُهُمَا تَمِيمِيٌّ وَالْآخَرُ يَمَانِيٌّ صَحِبَهُمَا مَوْلًى لِقُرَيْشٍ فِي تِجَارَةٍ فَرَكِبُوا الْبَحْرَ وَمَعَ الْقُرَشِيِّ مَالٌ مَعْلُومٌ قَدْ عَلِمَهُ أَوْلِيَاؤُهُ مِنْ بَيْنِ آنِيَةٍ وَبَزِّ وَرِقَةٍ فَمَرِضَ الْقُرَشِيُّ فَجَعَلَ وَصِيَّتَهُ إلَى الدَّارِيَيْنِ فَمَاتَ وَقَبَضَ الدَّارِيَانِ الْمَالَ وَالْوَصِيَّةَ فَدَفَعَاهُ إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ وَجَاءَ بِبَعْضِ مَالِهِ وَأَنْكَرَ الْقَوْمُ قِلَّةَ الْمَالِ فَقَالُوا لِلدَّارِيَيْنِ إنَّ صَاحِبَنَا قَدْ خَرَجَ وَمَعَهُ مَالٌ أَكْثَرُ مِمَّا أَتَيْتُمَانَا بِهِ فَهَلْ بَاعَ شَيْئًا أَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَوَضَعَ فِيهِ؟ أَوْ هَلْ طَالَ مَرَضُهُ فَأَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ؟ قَالَا: لَا قَالُوا فَإِنَّكُمَا خُنْتُمَانَا فَقَبَضُوا الْمَالَ وَرَفَعُوا أَمْرَهُمَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [المائدة: 106] إلَى آخِرِ الْآيَةِ فَلَمَّا نَزَلَتْ أَنْ يُحْبَسَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَامَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَحَلَفَا بِاَللَّهِ رَبِّ السَّمَوَاتِ مَا تَرَكَ مَوْلَاكُمْ مِنْ الْمَالِ إلَّا مَا أَتَيْنَاكُمْ بِهِ وَأَنَّا لَا نَشْتَرِي بِإِيمَانِنَا ثَمَنًا قَلِيلًا مِنْ الدُّنْيَا {وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الآثِمِينَ} [المائدة: 106] فَلَمَّا حَلَفَا خَلَّى سَبِيلَهُمَا ثُمَّ إنَّهُمْ وَجَدُوا بَعْدَ ذَلِكَ إنَاءً مِنْ آنِيَةِ الْمَيِّتِ فَأَخَذُوا الدَّارِيَيْنِ فَقَالَا اشْتَرَيْنَاهُ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ وَكَذَّبَا فَكُلِّفَا الْبَيِّنَةَ فَلَمْ يَقْدِرَا عَلَيْهَا فَرَفَعُوا ذَلِكَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَإِنْ عُثِرَ} [المائدة: 107] يَقُولُ فَإِنْ اطَّلَعَ {عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا} [المائدة: 107] يَعْنِي الدَّارِيَيْنِ أَيْ كَتَمَا حَقًّا {فَآخَرَانِ} [المائدة: 107] مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ {يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} [المائدة: 107] فَيَحْلِفَانِ بِاَللَّهِ إنَّ مَالَ صَاحِبِنَا كَانَ كَذَا وَكَذَا وَإِنَّ الَّذِي نَطْلُبُ قَبْلَ الدَّارِيَيْنِ لَحَقٌّ {وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 107] هَذَا قَوْلُ الشَّاهِدَيْنِ أَوْلِيَاءَ الْمَيِّتِ {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا} [المائدة: 108] يَعْنِي الدَّارِيَيْنِ وَالنَّاسَ أَنْ يَعُودُوا لِمِثْلِ ذَلِكَ» .
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : يَعْنِي مَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِ الدَّارِيَيْنِ مِنْ النَّاسِ وَلَا أَعْلَمُ الْآيَةَ تَحْتَمِلُ مَعْنًى غَيْرَ حَمْلِهِ عَلَى مَا قَالَ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُوَضَّحْ بَعْضُهُ لِأَنَّ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ كَشَاهِدَيْ الْوَصِيَّةِ كَانَا أَمِينَيْ الْمَيِّتِ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إذَا كَانَ شَاهِدَانِ مِنْكُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِكُمْ أَمِينِينَ عَلَى مَا شَهِدَا عَلَيْهِ فَطَلَبَ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ أَيْمَانَهُمَا أُحْلِفَا بِأَنَّهُمَا أَمِينَانِ لَا فِي الشُّهُودِ فَإِنْ قَالَ فَكَيْفَ تُسَمَّى فِي هَذَا الْوَضْعِ شَهَادَةً؟ قِيلَ كَمَا سُمِّيَتْ أَيْمَانُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ شَهَادَةً وَإِنَّمَا مَعْنَى شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ أَيْمَانُ بَيْنِكُمْ إذَا كَانَ هَذَا الْمَعْنَى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَكَيْفَ لَمْ تَحْتَمِلْ الشَّهَادَةَ؟ قِيلَ وَلَا نَعْلَمُ الْمُسْلِمِينَ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَاهِدٍ يَمِينٌ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ أَوْ رُدَّتْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إجْمَاعُهُمَا خِلَافًا

نام کتاب : الأم للشافعي نویسنده : الشافعي    جلد : 4  صفحه : 221
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست