responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل نویسنده : الرعيني، الحطاب    جلد : 3  صفحه : 323
فِيهَا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ كُتُبِهِ جُدَّةُ أَوْ جَدِيدَةُ يَكُونُ بِهَا قَتْلَى وَشُهَدَاءُ لَا شَهِيدَ يَوْمئِذٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَفْضَلُ مِنْهُمْ، وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ مَكَّةَ: إنَّ الْحَبَشَةَ جَاءَتْ جُدَّةَ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ فِي مَصْدَرِهَا فَوَقَعُوا بِأَهْلِ جُدَّةَ فَخَرَجَ النَّاسُ مِنْ مَكَّةَ إلَى جُدَّةَ وَأَمِيرُهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ إبْرَاهِيمَ، فَخَرَجَ النَّاسُ غُزَاةً فِي الْبَحْرِ، وَاسْتُعْمِلَ عَلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ الْمَذْكُورُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ الْمَخْزُومِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ جَدُّ عَبْدِ اللَّهِ هَذَا هُوَ أَخُو السَّفَّاحِ وَعَبْدُ اللَّهِ هُوَ وَلِيُّ مَكَّةَ لِلرَّشِيدِ بْنِ الْمَهْدِيِّ، وَعَلَى هَذَا فَسَنَةُ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ الْمُشَارُ إلَيْهَا فِي هَذَا الْخَبَرِ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، انْتَهَى.
فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ النُّزُولَ الَّذِي ذَكَرَهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ صَارَتْ جُدَّةُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ رِبَاطًا لِخَوْفِ نُزُولِ الْعَدُوِّ بِهَا خُصُوصًا فِي أَوَاخِرِ فَصْلِ الشِّتَاءِ وَأَوَائِلِ فَصْلِ الرَّبِيعِ عِنْدَ وُصُولِ مَرَاكِبِ الْهِنْدِ، فَإِنَّ الْعَدُوَّ - خَذَلَهُمْ اللَّهُ - تَوَصَّلُوا إلَى بِلَادِ الْهِنْدِ فِي أَوَائِلِ هَذَا الْقَرْنِ وَأَوَاخِرِ الَّذِي قَبْلَهُ، ثُمَّ لَمْ يَزَالُوا يَسْتَوْلُونَ عَلَيْهِ حَتَّى اسْتَوْلَوْا عَلَى بِلَادٍ كَثِيرَةٍ مِنْهُ، ثُمَّ إنَّهُمْ خَذَلَهُمْ اللَّهُ قَصَدُوا إلَى جَدَّة فِي سَنَةِ تِسْعَةَ عَشْرَ وَتِسْعِمِائَةٍ وَوَصَلُوا إلَى سَاحِلٍ يُسَمَّى كَمَرَان مِنْ سَوَاحِلِ الْيَمَنِ بِالْقُرْبِ مِنْ جُدَّةَ وَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَنَزَلَ النَّاسُ إلَى جُدَّةَ، ثُمَّ إنَّهُمْ خَذَلَهُمْ اللَّهُ رَجَعُوا مِنْ كَمَرَان بَعْدَ أَنْ نَزَلُوا فِيهَا وَبَنَوْا بِهَا حِصْنًا لِوَخَمٍ أَرْسَلَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ جَاءُوا فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَنَزَلُوا بِسَاحِلِ جُدَّةَ فِي ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ قِطْعَةً بَيْنَ غُرَابٍ وَبُرْشَةٍ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي عَشِيَّةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ سَادِسَ عَشْرَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، أَوْ خَامِسَ عِشْرِينِهِ، وَحَصَلَ لِلنَّاسِ وَجَلٌ عَظِيمٌ وَأَيْقَنُوا بِالْأَخْذِ، وَنَزَلَ النَّاسُ إلَى جِدَّةَ وَأَتَوْا إلَيْهَا مِنْ الْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ وَغَيْرِهَا، لَكِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ لَمْ يُصَلُّوا إلَّا بَعْدَ أَنْ رَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ، وَكَانَ اجْتَمَعَ بِجُدَّةِ قَبْلَ وُصُولِهِمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ؛ لِأَنَّ النَّاسَ سَمِعُوا بِهِمْ قَبْلَ وُصُولِهِمْ بِمُدَّةٍ وَحَصَّنَ النَّاسُ جُدَّةَ بِالْمَدَافِعِ
ثُمَّ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَلْقَى فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ وَحَبَسَهُمْ عَنْ النُّزُولِ إلَى الْبَرِّ بِمَا حَبَسَ بِهِ الْفِيلَ فَلَمْ يَنْزِلُوا وَلَمْ يُقَاتِلُوا وَأَقَامُوا نَحْوَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ إنَّهُمْ رَجَعُوا مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ فَتَلَا النَّاسُ هَذِهِ الْآيَةَ كَأَنَّهَا أُنْزِلَتْ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب: 25] ثُمَّ إنَّهُمْ تَشَتَّتُوا وَتَفَرَّقُوا وَأَهْلَكَهُمْ اللَّهُ وَأَدْرَكَهُمْ الْأَمِيرُ سَلْمَانُ أَمِيرُ جُدَّةَ وَغَنِمَ مِنْهُمْ غُرَابًا وَأَخَذَهُ وَأَسَرَ مَنْ فِيهِ، وَاتَّفَقَ عِنْدَ رُجُوعِهِمْ مِنْ جُدَّةَ أَنْ تَأَخَّرَ مِنْهُمْ غُرَابٌ فَأَرَادَ الْأَمِيرُ سَلْمَانُ إدْرَاكَهُ فَنَزَلَ إلَيْهِ فَلَمَّا قَرُبَ مِنْهُ رَجَعَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ نَحْوُ عَشْرَةِ أَغْرِبَةٍ، فَقَصَدَهُمْ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ خَوْفَ أَنْ يَظْفَرُوا بِهِ، فَقَدَّرَ أَنَّهُمْ أَطْلَقُوا عَلَى الْكَفَرَةِ مِدْفَعًا فَرَجَعَ عَلَيْهِمْ وَأَحْرَقَ شِرَاعَهُمْ وَأَحْرَقَ بَعْضَهُمْ رَأَيْتُ مِنْهُمْ نَحْوَ الثَّلَاثَةِ مُحْرَقِينَ، فَلَمَّا رَأَى الْأَمِيرُ ذَلِكَ رَجَعَ بِسُرْعَةٍ إلَى جُدَّةَ فَلَمْ يُدْرِكُوهُ، وَشَنَقَ الَّذِي أَطْلَقَ الْمِدْفَعَ، فَإِنَّهُ يُقَالُ: إنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا؛ لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ، وَيُقَالُ إنَّ إسْلَامَهُ فِي الظَّاهِرِ فَقَطْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي ذَلِكَ الْيَوْمِ رَآهُمْ النَّاسُ مِنْ بَعْدُ قُرْبِ الْبَرِّ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ نَزَلُوا إلَى الْبَرِّ فَخَرَجُوا إلَيْهِمْ وَسَارُوا إلَى الْقُرْبِ مِنْهُمْ، فَلَمْ يَنْزِلْ مِنْهُمْ أَحَدٌ أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَخْذُلَهُمْ وَيَكُفَّ شَرَّهُمْ عَنْ الْمُسْلِمِينَ آمِينَ وَدَهْلَكُ الْمَذْكُورَةُ قَالَ عِيَاضٌ: بِفَتْحِ الدَّالِ اسْمُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ السُّودَانِ وَبِهِ سُمِّيَ الْبَلَدُ، وَهُوَ جَزِيرَةُ سَاحِلِ الْبَحْرِ مِنْ جِهَةِ الْيَمِينِ، قَالَ وَتِلْكَ النَّاحِيَةُ أَقْصَى تِهَامَةِ الْيَمَنِ، قَالَ عِيَاضٌ: دَهْلَكٌ أَقْدَمُ مِنْ الزَّمَنِ الَّذِي تَكَلَّمَ فِيهِ مَالِكٌ، انْتَهَى.
وَلَمْ أَقِفْ عَلَى حَقِيقَةِ ذَلِكَ مَا هُوَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، ثُمَّ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ أَتَوْا إلَى قُرْبِ جُدَّةَ وَرَجَعُوا مَخْذُولِينَ، ثُمَّ فِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ أُشِيعَ أَنَّهُمْ وَاصِلُونَ إلَى جُدَّةَ، وَتَتَابَعَ الْخَبَرُ بِذَلِكَ إلَى رَابِعِ جُمَادَى الْأَخِيرَةِ، فَجَاءَ الْخَبَرُ بِأَنَّهُ مَرَّ بَعْضُ الْجُلَّابِ عَلَى مَوَاضِعَ قَرِيبَةٍ مِنْ جُدَّةَ وَسَمِعَ مَدَافِعَ كَثِيرَةً فِيهِ فَمَا شَكَّ النَّاسُ أَنَّهُمْ أَعْدَاءُ اللَّهِ الْكَفَرَةُ وَأَنَّهُمْ وَاصِلُونَ فِي الْقُرْبِ، فَبَادَرَ النَّاسُ إلَى

نام کتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل نویسنده : الرعيني، الحطاب    جلد : 3  صفحه : 323
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست