responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل نویسنده : الرعيني، الحطاب    جلد : 1  صفحه : 287
نَزَلَ وَثَلَاثَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا فِي الْجَوَازِ وَفِي الْإِجْزَاءِ، فَالْأَوَّلُ الْأَرْضُ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا مِنْ صَخْرٍ وَمَدْرٍ وَكِبْرِيتٍ وَزِرْنِيخٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِهِ، انْتَهَى.
وَإِنَّمَا نَبَّهْت عَلَى هَذَا؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ التَّوْضِيحِ أَنَّ أَصْبَغَ يُخَالِفُ فِي غَيْرِ الْأَحْجَارِ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ وَقَالَ فِي الْإِكْمَالِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِيمَا يُسْتَجْمَرُ بِهِ: تَمَسَّكَ دَاوُد بِلَفْظِ الْأَحْجَارِ، وَقَالَ: لَا يَجُوزُ غَيْرُهَا وَالنَّاسُ عَلَى خِلَافِهِ، لَكِنَّ مَالِكًا وَغَيْرَهُ يَسْتَحِبُّ الْحِجَارَةَ وَمَا فِي مَعْنَاهَا وَمَا هُوَ مِنْ جِنْسِهَا انْتَهَى وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: يَابِسٍ مِنْ الْمَائِعَاتِ وَالْأَشْيَاءِ الْمُبْتَلَّةِ؛ لِأَنَّ الرُّطُوبَةَ تَنْشُرُ النَّجَاسَةَ وَإِنَّمَا اكْتَفَى فِي الْإِخْرَاجِ بِذِكْرِ الْمُبْتَلِّ؛ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ الِاسْتِجْمَارُ بِالْمَائِعَاتِ مِنْ بَابٍ أَحْرَى، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: طَاهِرٍ، مِنْ النَّجِسِ وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ مَا يُبَاشِرُ بِهِ الْمَحِلَّ فَلَوْ كَانَ فِي أَحَدِ جَانِبَيْ الْحَجَرِ نَجَاسَةٌ جَازَ الِاسْتِجْمَارُ بِالْجَنْبِ الْآخَرِ، قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَنَقَلَهُ التِّلِمْسَانِيُّ فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مُنَقٍّ مِنْ الْأَمْلَسِ كَالزُّجَاجِ الَّذِي لَيْسَ بِمُحْرِفٍ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: غَيْرِ مُؤْذٍ، مِنْ الَّذِي يَحْصُلُ مِنْهُ ضَرَرٌ كَالزُّجَاجِ الْمُحْرِفِ وَالْقَصَبِ.
وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: وَلَا مُحْتَرَمٍ، مِمَّا لَهُ حُرْمَةً مِنْ الْمَطْعُومَاتِ كُلِّهَا وَالْمَكْتُوبِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْجِدَارِ وَالْعَظْمِ وَالرَّوْثِ. أَمَّا الْمَطْعُومَاتُ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِهَا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْأَدْوِيَةِ وَالْعَقَاقِيرِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَأَمَّا الْمَكْتُوبُ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِهِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: لِحُرْمَةِ الْحُرُوفِ وَتَخْتَلِفُ الْحُرْمَةُ بِحَسَبِ مَا كُتِبَ قَالَ: وَفِي مَعْنَى الْمَكْتُوبِ الْوَرِقُ غَيْرُ الْمَكْتُوبِ لِمَا فِيهِ مِنْ النَّشَا، انْتَهَى.
(قُلْت) فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِكُلِّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ وَلَوْ كَانَ الْمَكْتُوبُ بَاطِلًا كَالسِّحْرِ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لِلْحُرُوفِ وَقَالَ الدَّمَامِينِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الْحَجِّ فِي حَدِيثِ الصَّحِيفَةِ: قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى إيجَابِ احْتِرَامِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كُتِبَتْ فِي أَثْنَاءِ مَا تَجِبُ إهَانَتُهُ كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ بَعْدَ تَحْرِيفِهِمَا فَيَجُوزُ إحْرَاقُهَا وَإِتْلَافُهَا وَلَا يَجُوزُ إهَانَتُهَا لِمَكَانِ تِلْكَ الْأَسْمَاءِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا بَاطِلٌ، وَإِنَّمَا هُمَا بَاطِلٌ لِمَا فِيهِمَا مِنْ التَّحْرِيفِ وَلَكِنْ حُرْمَةُ أَسْمَاءِ اللَّهِ لَا تُبَدَّلُ عَلَى وَجْهٍ أَلَا تَرَى كَيْفَ أَقَامَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حُرْمَةَ أَسْمَائِهِ بِأَنْ مَحَاهَا وَأَبْقَى مَا عَدَاهَا مِنْ الصَّحِيفَةِ.
فَلَوْلَا أَنَّ الْأَسْمَاءَ مُتَمَيِّزَةً عَمَّا هِيَ فِيهِ بِحُرْمَةٍ لَمَا كَانَ لِتَمْيِيزِهَا بِالْمَحْوِ مَعْنًى وَلِهَذَا مُنِعَ الْكَافِرُ مِنْ كَتْبِ اللُّغَةِ وَالْعَرَبِيَّةِ لِمَا فِيهَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَآيَاتِهِ، وَتِلْكَ حُجَّةُ الْمَازِنِيِّ حَيْثُ امْتَنَعَ مِنْ إقْرَاءِ كِتَابِ سِيبَوَيْهِ لِكَافِرٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى احْتِرَامِ كُتُبِ التَّفَاسِيرِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ وَلَكِنْ لَا يَبْلُغُ الْأَمْرُ إلَى إيجَابِ الطَّهَارَةِ لِمَسِّهَا وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى ذَلِكَ، انْتَهَى.
وَأَمَّا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَالْجَوْهَرُ وَالْيَاقُوتُ وَمَا لَهُ حُرْمَةٌ كَالطَّعَامِ وَالْمِلْحِ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَلَا يُسْتَجْمَرُ بِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ لِمَسْجِدٍ لِحُرْمَتِهِ أَوْ مَمْلُوكًا لِلْغَيْرِ أَوْ فِي وَقْفٍ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ، قَالَ فِي الْمَدْخَلِ: وَهَذَا حَرَامٌ بِاتِّفَاقٍ، وَكَثِيرًا مَا يُتَسَاهَلُ الْيَوْمَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ سِيَّمَا مَا سُبِّلَ لِلْوُضُوءِ فَتَجِدُ الْحِيطَانَ فِي غَايَةِ مَا يَكُونُ مِنْ الْقَذَرِ لِأَجْلِ اسْتِجْمَارِهِمْ فِيهَا وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَيُكْرَهُ أَنْ يُسْتَجْمَرَ فِي حَائِطِ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْزِلُ الْمَطَرُ عَلَيْهِ أَوْ يُصِيبُهُ بَلَلٌ وَيَلْتَصِقُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ إلَيْهِ فَتُصِيبُهُ النَّجَاسَةُ فَيُصَلِّي بِهَا، وَوَجْهٌ آخَرُ أَنْ يَكُونَ فِي الْحَائِطِ حَيَوَانٌ فَيَتَأَذَّى بِهِ وَقَدْ رَأَيْت عِيَانًا بَعْضَ النَّاسِ اسْتَجْمَرَ فِي حَائِطٍ فَلَسَعَتْهُ عَقْرَبٌ كَانَتْ هُنَاكَ عَلَى رَأْسِ ذَكَرِهِ وَرَأَى فِي ذَلِكَ شِدَّةً عَظِيمَةً، انْتَهَى بِلَفْظِهِ.
قُلْت وَقَدْ أَخْبَرَنِي بَعْضُ مَنْ حَضَرَ قِرَاءَةَ هَذَا الْمَحِلِّ بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ فِي سَنَةِ إحْدَى وَخَمْسِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ أَنَّهُ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ نَسْأَلُ اللَّهُ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ. وَقَالَ ابْنُ رَاشِدٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَتَسَامَحَ النَّاسُ بِالتَّمَسُّحِ بِالْحِيطَانِ وَذَلِكَ مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُجْتَنَبَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَنْضَمُّونَ إلَيْهَا لَا سِيَّمَا عِنْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ وَبَلَلِ الثِّيَابِ قَالَ: وَلَا يَنْبَغِي ذَلِكَ فِي حِيطَانِ الْمَرَاحِيضِ لِذَلِكَ وَلِأَنَّهَا تَصِيرُ نَجِسَةً مِنْ تَكَرُّرِ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَيَكُونُ قَدْ اسْتَجْمَرَ بِنَجِسٍ،

نام کتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل نویسنده : الرعيني، الحطاب    جلد : 1  صفحه : 287
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست