responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل نویسنده : الرعيني، الحطاب    جلد : 1  صفحه : 12
وَقَالَ: إنَّهُ مَذْهَبُ الْمُعْتَزِلَةِ وَنَصُّهُ قَوْلُهُ فِي وَصْفِ اللَّهِ تَعَالَى بِالرَّحْمَةِ: إنَّهُ مَجَازُ اعْتِزَالٍ وَضَلَالٍ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ فَإِنَّ الْأُمَّةَ أَجْمَعَتْ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَحِيمٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَأَنَّ مَنْ نَفَى عَنْهُ حَقِيقَةَ الرَّحْمَةِ فَإِنَّهُ كَافِرٌ، وَإِنَّمَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّحْمَةَ عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ رِقَّةٌ وَتَغَيُّرٌ وَلِأَنَّهُمْ يُنْكِرُونَ الْإِرَادَةَ الْقَدِيمَةَ وَيَصْرِفُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ إلَى الْأَفْعَالِ وَإِلَى إرَادَةٍ حَادِثَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ قَوْلِهِمْ.
ثُمَّ قَالَ: وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ الرَّحْمَةَ لَيْسَتْ سِوَى إرَادَةِ الْخَيْرِ وَلَيْسَتْ الرِّقَّةَ وَإِنَّمَا الرِّقَّةُ صِفَةٌ أُخْرَى تَارَةً تُصَاحِبُ الْإِرَادَةَ وَتَارَةً لَا تُصَاحِبُ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ.
(قُلْت) كَلَامُ الصِّحَاحِ نَحْوُ كَلَامِ الزَّمَخْشَرِيِّ وَقَدْ تَبِعَ الزَّمَخْشَرِيَّ عَلَى تَفْسِيرِ الرَّحْمَةِ بِمَا ذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي نَاصِرُ الدِّينِ الْبَيْضَاوِيُّ وَالشَّيْخُ ابْنُ عَرَفَةَ بَلْ نَقَلَ الْأَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ الشَّيْخِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ قَالَ: كُلُّ مَجَازٍ لَهُ حَقِيقِيَّةٌ إلَّا هَذَا يَعْنِي: الرَّحْمَنَ فَإِنَّ الرَّحْمَةَ الْعَطْفُ وَالتَّثَنِّي وَذَلِكَ إنَّمَا هُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْأَجْسَامِ وَتَقَرَّرَ عِنْدِي أَنَّ غَيْرَ اللَّهِ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الرَّحْمَنُ فَهُوَ مَجَازٌ لَا حَقِيقَةَ لَهُ انْتَهَى. وَكَلَامُ الْأَبِيِّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالِانْعِطَافِ الْجُسْمَانِيُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا الْمُرَادُ الِانْعِطَافُ النَّفْسَانِيُّ

وَالرَّحْمَنُ أَبْلَغُ مِنْ الرَّحِيمِ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْمَبْنَى تَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ الْمَعْنَى غَالِبًا فَلِذَلِكَ يُقَالُ: يَا رَحْمَنَ الدُّنْيَا؛ لِأَنَّهُ يَعُمُّ الْكَافِرَ وَالْمُؤْمِنَ وَرَحِيمَ الْآخِرَةِ؛ لِأَنَّهُ يَخُصُّ الْمُؤْمِنَ وَإِنَّمَا قُدِّمَ الرَّحْمَنُ وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي التَّرَقِّي لِتَقَدُّمِ رَحْمَةِ الدُّنْيَا وَلِأَنَّهُ صَارَ كَالْعَلَمِ فَلَا يُوصَفُ بِهِ غَيْرُهُ تَعَالَى بَلْ قِيلَ: إنَّهُ عَلَمٌ وَهُوَ اسْمٌ مُقْتَضٍ لِإِيجَادِ الْخَلْقِ فَلِذَلِكَ لَا يُسَمَّى بِهِ غَيْرُ الْحَقِّ، وَمَنْ تَسَمَّى بِهِ هَلَكَ وَالرَّحِيمُ مُقْتَضٍ لِإِمْدَادِ الْخَلْقِ بِقِوَامِ وُجُودِهِمْ وَيَجُوزُ إطْلَاقُهُ عَلَى الْمَخْلُوقِ؛ لِأَنَّ الْإِمْدَادَ يَصِحُّ فِي حَقِّهِمْ وَلِذَلِكَ وَجَبَ شُكْرُهُمْ عَلَى مَا وَصَلَ مِنْهُمْ.

[فَائِدَتَانِ]
(فَائِدَتَانِ: الْأُولَى) حَيْثُ ذُكِرَ الِاشْتِقَاقُ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَالْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّ الْمَعْنَى الْمَذْكُورَ مَلْحُوظٌ فِي ذَلِكَ الِاسْمِ وَإِلَّا فَشَرْطُ الْمُشْتَقِّ أَنْ يَكُونَ مَسْبُوقًا بِالْمُشْتَقِّ مِنْهُ.
وَأَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى قَدِيمَةٌ؛ لِأَنَّهَا مِنْ كَلَامِهِ حَتَّى أَنْكَرَ قَوْمٌ إطْلَاقَ الِاشْتِقَاقِ لِلْإِبْهَامِ وَقَالُوا: إنَّمَا يُقَالُ فِي مِثْلِ اسْمِهِ السَّلَامِ فِيهِ مَعْنَى السَّلَامَةِ وَفِي الرَّحْمَنِ فِيهِ مَعْنَى الرَّحْمَةِ.
قَالُوا وَالْأَشْيَاءُ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْأَسْمَاءِ لِحَدِيثِ «هِيَ الرَّحِمُ وَأَنَا الرَّحْمَنُ اشْتَقَقْت لَهَا اسْمًا مِنْ اسْمِي»
وَقَالَ حَسَّانٌ:
فَشَقَّ لَهُ مِنْ اسْمِهِ لِيُجِلَّهُ ... فَذُو الْعَرْشِ مَحْمُودٌ وَهَذَا مُحَمَّدُ
وَفِيهِ نَظَرٌ (الثَّانِيَةُ) نَقَلَ الدَّمَامِينِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبُخَارِيِّ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ قَالَ صِفَاتُ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي عَلَى صِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ كَرَحِيمٍ وَغَفُورٍ كُلُّهَا مَجَازٌ إذْ هِيَ مَوْضُوعَةٌ لِلْمُبَالَغَةِ وَلَا مُبَالَغَةَ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْمُبَالَغَةَ هِيَ أَنْ تُثْبِتَ لِشَيْءٍ أَكْثَرَ مِمَّا لَهُ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِيمَا يَقْبَلُ الزِّيَادَةَ وَالنَّقْصَ وَصِفَاتُهُ تَعَالَى مُنَزَّهَةٌ عَنْ ذَلِكَ قَالَ: وَهِيَ فَائِدَةٌ حَسَنَةٌ انْتَهَى.

[شَرْحُ خُطْبَةِ الْمُخْتَصَرِ]
ص (يَقُولُ الْفَقِيرُ الْمُضْطَرُّ لِرَحْمَةِ رَبِّهِ الْمُنْكَسِرُ خَاطِرُهُ لِقِلَّةِ الْعَمَلِ وَالتَّقْوَى خَلِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَالِكِيُّ)
ش: أَتْبَعَ الْمُصَنِّفُ الْبَسْمَلَةَ بِالتَّعْرِيفِ بِنَفْسِهِ لِيَعْلَمَ بِذَلِكَ مَنْ يَقِفُ عَلَى كِتَابِهِ فَإِنَّهُ مِنْ الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ الَّتِي يَنْبَغِي تَقْدِيمُهَا وَلِأَنَّ الْأَلْفَاظَ الَّتِي ذَكَرَهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فَفِيهِ الْبُدَاءَةُ بِالْحَمْدِ وَالْفَقِيرُ هُوَ الْمُحْتَاجُ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ وَالْمُضْطَرُّ الشَّدِيدُ الْحَاجَةِ الَّذِي لَا يَرَى لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنْ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ وَلَا يَرَى شَيْئًا مِنْ الْأَسْبَابِ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ كَالْغَرِيقِ فِي الْبَحْرِ وَالضَّالِّ فِي الْقَفْرِ لَا يَرَى لِإِغَاثَتِهِ إلَّا مَوْلَاهُ وَالْفَقْرُ وَالْمَسْكَنَةُ لَازِمَانِ لِلِاضْطِرَارِ وَذَلِكَ مُوجِبٌ لِإِسْرَاعِ مَوَاهِبِ الْحَقِّ لِلْعَبْدِ وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الرَّحْمَةِ.

وَالرَّبُّ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّرْبِيَةِ وَهِيَ تَبْلِيغُ الشَّيْءِ إلَى كَمَالِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا، ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الْمَالِكُ؛ لِأَنَّهُ يَحْفَظُ مَا يَمْلِكُهُ وَيُرَبِّيهِ وَلَا يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِهِ تَعَالَى إلَّا مُقَيَّدًا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْفَاتِحَةِ مَتَى دَخَلَتْ اللَّامُ وَالْأَلِفُ عَلَى رَبٍّ اخْتَصَّ بِاَللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهَا لِلْعَهْدِ وَإِنْ حُذِفَتْ صَارَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَبَيْنَ عِبَادِهِ انْتَهَى وَالضَّمِيرُ فِي رَبِّهِ

نام کتاب : مواهب الجليل في شرح مختصر خليل نویسنده : الرعيني، الحطاب    جلد : 1  صفحه : 12
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست