responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 94
[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]
ِ: وَجُلُّ الْمَسَائِلِ الْمَشْهُورَةِ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ هِيَ فِي أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ:
فَمِنْهَا: أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا أَمَانَةٌ لَا مَضْمُونَةٌ، إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. قَالَ الْمَالِكِيُّونَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا أَمَانَةٌ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِرَدِّ الْأَمَانَاتِ وَلَمْ يَأْمُرْ بِالْإِشْهَادِ، فَوَجَبَ أَنْ يُصَدَّقَ الْمُسْتَوْدَعُ فِي دَعْوَاهُ رَدَّ الْوَدِيعَةِ مَعَ يَمِينِهِ إِنْ كَذَّبَهُ الْمُودِعُ، قَالُوا: إِلَّا أَنْ يَدْفَعَهَا إِلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، قَالُوا: لِأَنَّها إِذَا دَفَعَهَا إِلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ فَكَأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ عَلَى حِفْظِهَا وَلَمْ يَأْتَمِنْهُ عَلَى رَدِّهَا، فَيُصَدَّقُ فِي تَلَفِهَا وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى رَدِّهَا، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ.
وَقَدْ قِيلَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ وَإِنْ دَفَعَهَا إِلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَهُوَ الْقِيَاسُ ; لِأَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ التَّلَفِ وَدَعْوَى الرَّدِّ، وَيَبْعُدُ أَنْ تَنْتَقِضَ الْأَمَانَةُ وَهَذَا فِيمَنْ دَفَعَ الْأَمَانَةَ إِلَى الْيَدِ الَّتِي دَفَعَتْهَا إِلَيْهِ.
وَأَمَّا مَنْ دَفَعَهَا إِلَى غَيْرِ الْيَدِ الَّتِي دَفَعَتْهَا إِلَيْهِ، فَعَلَيْهِ مَا عَلَى وَلِيِّ الْيَتِيمِ مِنَ الْإِشْهَادِ عِنْدَ مَالِكٍ وَإِلَّا ضُمِّنَ، يُرِيدُ قَوْلَ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: 6] فَإِنْ أَنْكَرَ الْقَابِضُ الْقَبْضَ فَلَا يُصَدَّقُ الْمُسْتَوْدَعُ فِي الدَّفْعِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ.
وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ يَتَخَرَّجُ مِنَ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ، وَسَوَاءٌ عِنْدَ مَالِكٍ أَمَرَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ بِدَفْعِهَا إِلَى الَّذِي دَفَعَهَا أَوْ لَمْ يَأْمُرْ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ كَانَ ادَّعَى دَفْعَهَا إِلَى مَنْ أَمَرَهُ بِدَفْعِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَوْدَعِ مَعَ يَمِينِهِ، فَإِنْ أَقَرَّ الْمَدْفُوعُ إِلَيْهِ بِالْوَدِيعَةِ، (أَعْنِي: إِذَا كَانَ غَيْرَ الْمُودِعِ) وَادَّعَى التَّلَفَ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَوْدَعُ دَفَعَهَا إِلَى أَمَانَةٍ (وَهُوَ وَكِيلُ الْمُسْتَوْدَعِ) أَوْ إِلَى ذِمَّةٍ.
فَإِنْ كَانَ الْقَابِضُ أَمِينًا فَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَقَالَ مَرَّةً: يُبَرَّأُ الدَّافِعُ بِتَصْدِيقِ الْقَابِضِ، وَتَكُونُ الْمُصِيبَةُ مِنَ الْآمِرِ الْوَكِيلَ بِالْقَبْضِ، وَمَرَّةً قَالَ: لَا يُبَرَّأُ الدَّافِعُ إِلَّا بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الدَّفْعِ أَوْ يَأْتِي الْقَابِضُ بِالْمَالِ.
وَأَمَّا إِنْ دَفَعَ إِلَى ذِمَّةٍ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ رَجُلٌ لِلَّذِي عِنْدَهُ الْوَدِيعَةُ ادْفَعْهَا إِلَيَّ سَلَفًا أَوْ تَسَلُّفًا فِي سِلْعَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتِ الذِّمَّةُ قَائِمَةً بَرِئَ الدَّافِعُ فِي الْمَذْهَبِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَتِ الذِّمَّةُ خَرِبَةً، فَقَوْلَانِ.
وَالسَّبَبُ فِي هَذَا الِاخْتِلَاف كُلّه أَنَّ الْأَمَانَةَ تُقَوِّي دَعْوَى الْمُدَّعِي حَتَّى يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ.
فَمَنْ شَبَّهَ أَمَانَةَ الَّذِي أَمَرَهُ الْمُوَدِعُ أَنْ يَدْفَعَهَا إِلَيْهِ (أَعْنِي: الْوَكِيلَ) بِأَمَانَةِ الْمُودِعِ عِنْدَهُ، قَالَ: يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي دَعْوَاهُ التَّلَفَ، كَدَعْوَى الْمُسْتَوْدَعِ عِنْدَهُ.
وَمَنْ رَأَى أَنَّ تِلْكَ الْأَمَانَةَ أَضْعَفُ،

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 94
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست