responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 60
الشُّهُودُ بِهَلَاكِ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَضْيِيعٍ، وَلَا تَفْرِيطٍ، فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ: بَلْ يَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَوْ لَمْ تَقُمْ. وَبِقَوْلِ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَبِقَوْلِ عُثْمَانَ، وَالْأَوْزَاعِيِّ قَالَ أَشْهَبُ.
وَعُمْدَةُ مَنْ جَعَلَهُ أَمَانَةً غَيْرَ مَضْمُونة: حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ وَهُوَ مِمَّنْ رَهَنَهُ، لَهُ غُنْمُهُ، وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ» (أَيْ: لَهُ غَلَّتُهُ وَخَرَاجُهُ، وَعَلَيْهِ افْتِكَاكُهُ، وَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ) . قَالُوا: وَقَدْ رَضِيَ الرَّاهِنُ أَمَانَتَهُ فَأَشْبَهَ الْمُودَعَ عِنْدَهُ.
وَقَالَ الْمُزَنِيُّ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ مُحْتَجًّا لَهُ: قَدْ قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ: إِنَّ الْحَيَوَانَ وَمَا ظَهَرَ هَلَاكُهُ أَمَانَةً، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ كُلُّهُ كَذَلِكَ. وَقَدْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنَّ مَا زَادَ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ عَلَى قِيمَةِ الدَّيْنِ فَهُوَ أَمَانَةٌ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ كُلُّهُ أَمَانَةً، وَمَعْنَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عِنْدَ مَالِكٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ: «وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ» ; أَيْ: نَفَقَتُهُ. قَالُوا: وَمَعْنَى ذَلِكَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ» ; أَيْ: أُجْرَةُ ظَهْرِهِ لِرَبِّهِ، وَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ: فَتَأَوَّلُوا قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ» ، أَنَّ غُنْمَهُ مَا فَضَلَ مِنْهُ عَلَى الدَّيْنِ، وَغُرْمَهُ مَا نَقَصَ.
وَعُمْدَةُ مَنْ رَأَى أَنَّهُ مَضْمُونٌ مِنَ الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ عَيْنٌ تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ الِاسْتِيفَاءِ ابْتِدَاءً، فَوَجَبَ أَنْ يَسْقُطَ بِتَلَفِهِ، أَصْلُهُ تَلَفُ الْمَبِيعِ عِنْدَ الْبَائِعِ إِذَا أَمْسَكَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنَ الْجُمْهُورِ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ مَالِكٍ كَالرَّهْنِ.
وَرُبَّمَا احْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَّ رَجُلًا ارْتَهَنَ فَرَسًا مِنْ رَجُلٍ، فَنَفَقَ فِي يَدِهِ، فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلْمُرْتَهِنِ: " ذَهَبَ حَقُّكَ» .
وَأَمَّا تَفْرِيقُ مَالِكٍ بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَبَيْنَ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَهُوَ اسْتِحْسَانٌ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ التُّهْمَةَ تَلْحَقُ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَلَا تَلْحَقُ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ.
وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى الِاسْتِحْسَانِ الَّذِي يَذْهَبُ إِلَيْهِ مَالِكٌ كَثِيرًا، فَضَعَّفَهُ قَوْمٌ وَقَالُوا: إِنَّهُ مِثْلُ اسْتِحْسَانِ أَبِي حَنِيفَةِ، وَحَدُّوا الِاسْتِحْسَانَ بِأَنَّهُ قَوْلٌ بِغَيْرِ دَلِيلٍ. وَمَعْنَى الِاسْتِحْسَانِ عِنْدَ مَالِكٍ هُوَ جَمْعٌ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ الْمُتَعَارِضَةِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ هُوَ قَوْلٌ بِغَيْرِ دَلِيلٍ.
وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلرَّاهِنِ بَيْعُ الرَّهْنِ، وَلَا هِبَتُهُ، وَأَنَّهُ إِنْ بَاعَهُ فَلِلْمُرْتَهِنِ الْإِجَازَةُ، أَوِ الْفَسْخُ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 60
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست