responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 46
مَذْهَبُ مَالِكٍ.
وَالْحُجَّةُ لَهُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ: «الْجَارُ أَحَقُّ بِصَقْبِهِ» . أَوْ قَالَ: «بِشُفْعَتِهِ يُنْتَظَرُ بِهَا إِذَا كَانَ غَائِبًا» . وَأَيْضًا فَإِنَّ الْغَائِبَ فِي الْأَكْثَرِ مُعَوَّقٌ عَنِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ، فَوَجَبَ عُذْرُهُ.
وَعُمْدَةُ الْفَرِيقِ الثَّانِي: أَنَّ سُكُوتَهُ مَعَ الْعِلْمِ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ بِإِسْقَاطِهَا.
وَأَمَّا الْحَاضِرُ: فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ لَهُ:
فَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: هِيَ وَاجِبَةٌ لَهُ عَلَى الْفَوْرِ بِشَرْطِ الْعِلْمِ وَإِمْكَانِ الطَّلَبِ، فَإِنْ عَلِمَ وَأَمْكَنَ الطَّلَبُ، وَلَمْ يَطْلُبْ بَطُلَتْ شُفْعَتُهُ، إِلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: إِنْ أَشْهَدَ الْأَخْذ لَمْ تَبْطُلْ وَإِنْ تَرَاخَى.
وَأَمَّا مَالِكٌ: فَلَيْسَتْ عِنْدَهُ عَلَى الْفَوْرِ، بَلْ وَقْتُ وُجُوبِهَا مُتَّسِعٌ، وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْوَقْتِ: هَلْ هُوَ مَحْدُودٌ أَمْ لَا؟ فَمَرَّةً قَالَ: هُوَ غَيْرُ مَحْدُودٍ، وَأَنَّهَا لَا تَنْقَطِعُ أَبَدًا إِلَّا أَنْ يُحْدِثَ الْمُبْتَاعُ بِنَاءً، أَوْ تَغْيِيرًا كَثِيرًا بِمَعْرِفَتِهِ، وَهُوَ حَاضِرٌ عَالِمٌ سَاكِتٌ. وَمَرَّةً حَدَّدَ هَذَا الْوَقْتَ، فَرُوِيَ عَنْهُ السَّنَةَ، وَهُوَ الْأَشْهَرُ، وَقِيلَ أَكْثَرُ مِنْ سَنَةٍ، وَقَدْ قِيلَ عَنْهُ: إِنَّ الْخَمْسَةَ أَعْوَامٍ لَا تَنْقَطِعُ فِيهَا الشُّفْعَةُ.
وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ: «الشُّفْعَةُ كَحَلِّ الْعِقَالِ» ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ أَمَدَهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ.
وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُسْقِطِ الشُّفْعَةَ بِالسُّكُوتِ وَاعْتَمَدَ عَلَى أَنَّ السُّكُوتَ لَا يُبْطِلُ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْ قَرَائِنِ أَحْوَالِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى إِسْقَاطِهِ، وَكَانَ هَذَا أَشْبَهَ بِأُصُولِ الشَّافِعِيِّ ; لِأَنَّ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَيْسَ يَجِبُ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى سَاكِتٍ قَوْلُ قَائِلٍ، وَإِنِ اقْتَرَنَتْ بِهِ أَحْوَالٌ تَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ، وَلَكِنَّهُ فِيمَا أَحْسَبُ اعْتَمَدَ الْأَثَرَ، فَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ فِي أَرْكَانِ الشُّفْعَةِ، وَشُرُوطِهَا الْمُصَحِّحَةِ لَهَا، وَبَقِيَ الْقَوْلُ فِي الْأَحْكَامِ.

[الْقِسْمُ الثَّانِي الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الشُّفْعَةِ]
الْقِسْمُ الثَّانِي.
الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الشُّفْعَةِ.
وَهَذِهِ الْأَحْكَامُ كَثِيرَةٌ، وَلَكِنْ نَذْكُرُ مِنْهَا مَا اشْتَهَرَ فِيهِ الْخِلَافُ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ:
فَمِنْ ذَلِكَ اخْتِلَافُهُمْ فِي مِيرَاثِ حَقِّ الشُّفْعَةِ: فَذَهَبَ الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَنَّهُ لَا يُورَثُ كَمَا أَنَّهُ لَا يُبَاعُ. وَذَهَبَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَهْلُ الْحِجَازِ إِلَى أَنَّهَا مَوْرُوثَةٌ قِيَاسًا عَلَى الْأَمْوَالِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ سَبَبُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي مَسْأَلَةِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 46
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست