responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 37
وَعُمْدَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ: تَشْبِيهُ الشَّرِكَةِ بِالْقِرَاضِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا جَازَ فِي الْقِرَاضِ أَنْ يَكُونَ لِلْعَامِلِ مِنَ الرِّبْحِ مَا اصْطَلَحَا عَلَيْهِ، وَالْعَامِلُ لَيْسَ يَجْعَلُ مُقَابِلَهُ إِلَّا عَمَلًا فَقَطْ; كَانَ فِي الشَّرِكَةِ أَحْرَى أَنْ يجْعَلَ لِلْعَمَلِ جُزْءا مِنَ الْمَالِ إِذَا كَانَتِ الشَّرِكَةُ مَالًا مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَعَمَلًا، فَيَكُونُ ذَلِكَ الْجُزْءُ مِنَ الرِّبْحِ مُقَابِلًا لِفَضْلِ عَمَلِهِ عَلَى عَمَلِ صَاحِبِهِ، فَإِنَّ النَّاسَ يَتَفَاوَتُونَ فِي الْعَمَلِ كَمَا يَتَفَاوَتُونَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ.

[الرُّكْنُ الثَّالِثُ فِي مَعْرِفَةِ قَدْرِ الْعَمَلِ في شركة العنان]
; وَأَمَّا الرُّكْنُ الثَّالِثُ الَّذِي هُوَ الْعَمَلُ: فَإِنَّهُ تَابِعٌ كَمَا قُلْنَا عِنْدَ مَالِكٍ لِلْمَالِ، فَلَا يُعْتَبَرُ بِنَفْسِهِ. وَهُوَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُعْتَبَرُ مَعَ الْمَالِ. وَأَظُنُّ أَنَّ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ لَا يُجِيزُ الشَّرِكَةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَالَاهُمَا مُتَسَاوِيَيْنِ الْتِفَاتًا إِلَى الْعَمَلِ، فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ الْعَمَلَ فِي الْغَالِبِ مُسْتَوٍ، فَإِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى التَّسَاوِي كَانَ هُنَالِكَ غَبْنٌ عَلَى أَحَدِهِمَا فِي الْعَمَلِ، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ الشَّرِكَةِ الَّتِي يُخْرِجُ فِيهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ مَالًا مِثْلَ مَالِ صَاحِبِهِ مِنْ نَوْعِهِ (أَعْنِي: دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ) ، ثُمَّ يَخْلِطَانِهِمَا حَتَّى يَصِيرَا مَالًا وَاحِدًا لَا يَتَمَيَّزُ، عَلَى أَنْ يَبِيعَا وَيَشْتَرِيَا مَا رَأَيَا مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ، وَعَلَى أَنَّ مَا كَانَ مِنْ فَضْلٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا بِنِصْفَيْنِ، وَمَا كَانَ مِنْ خَسَارَةٍ فَهُوَ كَذَلِكَ، وَذَلِكَ إِذَا بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ، وَاشْتِرَاطُهُ هَذَا الشَّرْطَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِيهِ خِلَافًا، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَبِيعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ.

الْقَوْلُ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ
وَاخْتَلَفُوا فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ: فَاتَّفَقَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ بِالْجُمْلَةِ عَلَى جَوَازِهَا، وَإِنْ كَانَ اخْتَلَفُوا فِي بَعْضِ شُرُوطِهَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا تَجُوزُ.
وَمَعْنَى شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ: أَنْ يُفَوِّضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ إِلَى صَاحِبِهِ التَّصَرُّفَ فِي مَالِهِ مَعَ غَيْبَتِهِ وَحُضُورِهِ، وَذَلِكَ وَاقِعٌ عِنْدَهُمْ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْمُمْتَلَكَاتِ.
وَعُمْدَةُ الشَّافِعِيِّ: أَنَّ اسْمَ الشَّرِكَةِ إِنَّمَا يَنْطَلِقُ عَلَى اخْتِلَاطِ الْأَمْوَالِ، فَإِنَّ الْأَرْبَاحَ فُرُوعٌ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْفُرُوعُ مُشْتَرَكَةً إِلَّا بِاشْتِرَاكِ أُصُولِهَا. وَأَمَّا إِذَا اشْتَرَطَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رِبْحًا لِصَاحِبِهِ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ فَذَلِكَ مِنَ الْغَرَرِ وَمِمَّا لَا يَجُوزُ، وَهَذِهِ صِفَةُ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ.
وَأَمَّا مَالِكٌ: فَيَرَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ بَاعَ جُزْءًا مِنْ مَالِهِ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِ شَرِيكِهِ، ثُمَّ وَكَّلَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَلَى النَّظَرِ فِي الْجُزْءِ الَّذِي بَقِيَ فِي يَدِهِ. وَالشَّافِعِيُّ يَرَى أَنَّ الشَّرِكَةَ لَيْسَتْ هِيَ بَيْعًا، وَوَكَالَةً.
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ: فَهُوَ هَاهُنَا عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّهُ لَا يُرَاعِي فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ إِلَّا النَّقْدَ فَقَطْ.
وَأَمَّا مَا يَخْتَلِفُ فِيهِ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ مِنْ شُرُوطِ هَذِهِ الشَّرِكَةِ: فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَرَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ الْمُفَاوَضَةِ التَّسَاوِيَ فِي رُءُوسِ الْأَمْوَالِ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ مِنْ شَرْطِهَا ذَلِكَ تَشْبِيهًا بِشَرِكَةِ

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 37
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست