responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 29
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ: فَعُمْدَتُهُمْ مُخَالَفَةُ هَذَا الْأَثَرِ لِلْأُصُولِ مَعَ أَنَّهُ حُكْمٌ مَعَ الْيَهُودِ، وَالْيَهُودُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَقَرَّهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ عَبِيدٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَقَرَّهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ ذِمَّةٌ، إِلَّا أَنَّا إِذَا أَنْزَلْنَا أَنَّهُمْ ذِمَّةٌ كَانَ مُخَالِفًا لِلْأُصُولِ; لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَمْ يُخْلَقْ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ مِنَ الْمُزَابَنَةِ، (وَهُوَ بَيْعُ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ مُتَفَاضِلًا) ; لِأَنَّ الْقِسْمَةَ بِالْخَرْصِ بَيْعُ الْخَرْصِ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى مُخَالَفَتِهِ لِلْأُصُولِ بِمَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَهُمْ عِنْدَ الْخَرْصِ: «إِنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ وَتَضْمَنُونَ نَصِيبَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ شِئْتُمْ فَلِي وَأَضْمَنُ نَصِيبَكُمْ» . وَهَذَا حَرَامٌ بِإِجْمَاعٍ. وَرُبَّمَا قَالُوا: النَّهْي الْوَارِد عَنِ الْمُخَابَرَةِ هُوَ مَا كَانَ مِنْ هَذَا الْفِعْلِ بِخَيْبَرَ. وَالْجُمْهُورُ يَرَوْنَ أَنَّ الْمُخَابَرَةَ هِيَ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، قَالُوا: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى نَسْخِ هَذَا الْحَدِيثِ، أَوْ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْيَهُودِ مَا وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ رَافِعٍ، وَغَيْرِهِ مِنَ النَّهْيِ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا; لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ تَقْتَضِي جَوَازَ ذَلِكَ، وَهُوَ خَاصٌّ أَيْضًا فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ أَحَادِيثِ الْمُسَاقَاةِ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى لَمْ يَقُلْ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ مَالِكٌ، وَلَا الشَّافِعِيُّ (أَعْنِي: بِمَا جَاءَ مِنْ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَاقَاهُمْ عَلَى نِصْفِ مَا تُخْرِجُهُ الْأَرْضُ وَالثَّمَرَةُ» . وَهِيَ زِيَادَةٌ صَحِيحَةٌ وَقَالَ بِهَا أَهْلُ الظَّاهِرِ.
الْقَوْلُ فِي صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ وَالنَّظَرُ فِي الصِّحَّةِ رَاجِعٌ إِلَى النَّظَرِ فِي أَرْكَانِهَا، وَفِي وَقْتِهَا، وَفِي شُرُوطِهَا الْمُشْتَرَطَةِ فِي أَرْكَانِهَا.
وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ: الْمَحِلُّ الْمَخْصُوصُ بِهَا. وَالْجُزْءُ الَّذِي تَنْعَقِدُ عَلَيْهِ. وَصِفَةُ الْعَمَلِ الَّذِي تَنْعَقِدُ عَلَيْهِ. وَالْمُدَّةُ الَّتِي تَجُوزُ فِيهَا وَتَنْعَقِدُ عَلَيْهَا.

الرُّكْنُ الْأَوَّلُ.
فِي مَحِلِّ الْمُسَاقَاةِ. وَاخْتَلَفُوا فِي مَحِلِّ الْمُسَاقَاةِ، فَقَالَ دَاوُدُ: لَا تَكُونُ الْمُسَاقَاةُ إِلَّا فِي النَّخِيلِ فَقَطْ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي النَّخْلِ، وَالْكَرْمِ فَقَطْ.
وَقَالَ مَالِكٌ: تَجُوزُ فِي كُلِّ أَصْلٍ ثَابِتٍ كَالرُّمَّانِ، وَالتِّينِ، وَالزَّيْتُونِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَتَكُونُ فِي الْأُصُولِ غَيْرِ الثَّابِتَةِ كَالْمَقَاثِئِ، وَالْبِطِّيخِ مَعَ عَجْزِ صَاحِبِهَا عَنْهَا، وَكَذَلِكَ الزَّرْعُ، وَلَا تَجُوزُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْبُقُولِ عِنْدَ الْجَمِيعِ إِلَّا ابْنَ دِينَارٍ، فَإِنَّهُ أَجَازَهَا فِيهِ إِذَا نَبَتَتْ قَبْلَ أَنْ تُسْتَغَلَّ.
فَعُمْدَةُ مَنْ قَصَرَهُ عَلَى النَّخْلِ: أَنَّهَا رُخْصَةٌ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَتَعَدَّى بِهَا مَحِلَّهَا الَّذِي جَاءَتْ فِيهِ السَّنَةُ.
وَأَمَّا مَالِكٌ فَرَأَى أَنَّهَا رُخْصَةٌ يَنْقَدِحُ فِيهَا سَبَبٌ عَامٌّ، فَوَجَبَ تَعْدِيَةُ ذَلِكَ إِلَى الْغَيْرِ. وَقَدْ يُقَاسُ عَلَى الرُّخَصِ عِنْدَ قَوْمٍ إِذَا فُهِمَ هُنَالِكَ أَسْبَابٌ أَعَمُّ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي عُلِّقَتِ الرُّخَصُ بِالنَّصِّ بِهَا، وَقَوْمٌ مَنَعُوا الْقِيَاسَ عَلَى الرُّخَصِ، وَأَمَّا دَاوُدُ فَهُوَ يَمْنَعُ الْقِيَاسَ عَلَى الْجُمْلَةِ، فَالْمُسَاقَاةُ عَلَى أُصُولِهِ مُطَّرِدَةٌ.
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ: فَإِنَّمَا أَجَازَهَا فِي الْكَرْمِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْحُكْمَ

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 29
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست