responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 258
وَهَذَا الْجِنْسُ مِنَ الْأَحْكَامِ هُوَ مِثْلُ رَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَذْكُرُهُ الْفُقَهَاءُ فِي أَوَاخِرِ كُتُبِهِمُ الَّتِي يُعَرِّفُونَهَا بِالْجَوَامِعِ.
وَنَحْنُ فَقَدَ رَأَيْنَا أَنْ نَذْكُرَ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْجِنْسِ الْمَشْهُورَ مِنْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَأَمَّا مَا يَنْبَغِي قَبْلَ هَذَا أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ السُّنَنَ الْمَشْرُوعَةَ الْعَمَلِيَّةَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا هُوَ الْفَضَائِلُ النَّفْسَانِيَّةُ. فَمِنْهَا مَا يَرْجِعُ إِلَى تَعْظِيمِ مَنْ يَجِبُ تَعْظِيمُهُ وَشُكْرِ مَنْ يَجِبُ شُكْرُهُ، وَفِي هَذَا الْجِنْسِ تَدْخُلُ الْعِبَادَاتُ، وَهَذِهِ هِيَ السُّنَنُ الْكَرَامِيَّةُ.
وَمِنْهَا مَا يَرْجِعُ إِلَى الْفَضِيلَةِ الَّتِي تُسَمَّى عِفَّةً، وَهَذِهِ صِنْفَانِ:
السُّنَنُ الْوَارِدَةُ فِي الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ.
وَالسُّنَنُ الْوَارِدَةُ فِي الْمَنَاكِحِ.
وَمِنْهَا مَا يَرْجِعُ إِلَى طَلَبِ الْعَدْلِ وَالْكَفِّ عَنِ الْجَوْرِ.
فَهَذِهِ هِيَ أَجْنَاسُ السُّنَنِ الَّتِي تَقْتَضِي الْعَدْلَ فِي الْأَمْوَالِ، وَالَّتِي تَقْتَضِي الْعَدْلَ فِي الْأَبْدَانِ. وَفِي هَذَا الْجِنْسِ يَدْخُلُ الْقِصَاصُ وَالْحُرُوبُ وَالْعُقُوبَاتُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا إِنَّمَا يُطْلَبُ بِهَا الْعَدْلُ.
وَمِنْهَا السُّنَنُ الْوَارِدَةُ فِي الْأَعْرَاضِ، وَمِنْهَا السُّنَنُ الْوَارِدَةُ فِي جَمِيعِ الْأَمْوَالِ وَتَقْوِيمِهَا، وَهِيَ الَّتِي يُقْصَدُ بِهَا طَلَبُ الْفَضِيلَةِ الَّتِي تُسَمَّى السَّخَاءَ، وَتَجَنُّبُ الرَّذِيلَةِ الَّتِي تُسَمَّى الْبُخْلَ. وَالزَّكَاةُ تَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ وَجْهٍ، وَتَدْخُلُ أَيْضًا فِي بَابِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْأَمْوَالِ، وَكَذَلِكَ الْأَمْرُ فِي الصَّدَقَاتِ.
وَمِنْهَا سُنَنٌ وَارِدَةٌ فِي الِاجْتِمَاعِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي حَيَاةِ الْإِنْسَانِ وَحَفِظِ فَضَائِلِهِ الْعَمَلِيَّةِ وَالْعِلْمِيَّةِ، وَهِيَ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا بِالرِّيَاسَةِ، وَلِذَلِكَ لَزِمَ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ سُنَنَ الْأَئِمَّةِ وَالْقُوَّامِ بِالدِّينِ.
وَمِنَ السُّنَّةِ الْمُهِمَّةِ فِي حِينِ الِاجْتِمَاعِ السُّنَنُ الْوَارِدَةُ فِي الْمَحَبَّةِ وَالْبِغْضَةِ وَالتَّعَاوُنِ عَلَى إِقَامَةِ هَذِهِ السُّنَنِ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى النَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ، وَهِيَ الْمَحَبَّةُ وَالْبِغْضَةُ (أَيِ: الدِّينِيَّةُ) الَّتِي تَكُونُ إِمَّا مِنْ قِبَلِ الْإِخْلَالِ بِهَذِهِ السُّنَنِ، وَإِمَّا مِنْ قِبَلِ سُوءِ الْمُعْتَقَدِ فِي الشَّرِيعَةِ.
وَأَكْثَرُ مَا يَذْكُرُ الْفُقَهَاءُ فِي الْجَوَامِعِ مِنْ كُتُبِهِمْ مَا شَذَّ عَنِ الْأَجْنَاسِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي هِيَ فَضِيلَةُ الْعِفَّةِ، وَفَضِيلَةُ الْعَدْلِ، وَفَضِيلَةُ الشَّجَاعَةِ، وَفَضِيلَةُ السَّخَاءِ. وَالْعِبَادَةِ الَّتِي هِيَ كَالشُّرُوطِ فِي تَثْبِيتِ هَذِهِ الْفَضَائِلِ.
كَمُلَ كِتَابُ الْأَقْضِيَةِ، وَبِكَمَالِهِ كَمُلَ جَمِيعُ الدِّيوَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا عَلَى ذَلِكَ كَمَا هُوَ أَهْلُهُ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 258
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست