responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 255
وَأَمَّا عَلَى مَنْ يَقْضِي؟ فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَقْضِي عَلَى الْمُسْلِمِ الْحَاضِرِ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْغَائِبِ وَفِي الْقَضَاءِ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ. فَأَمَّا الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ فَإِنَّ مَالِكًا، وَالشَّافِعِيَّ قَالَا: يَقْضِي عَلَى الْغَائِبِ الْبَعِيدِ الْغَيْبَةِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَقْضِي عَلَى الْغَائِبِ أَصْلًا، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَقَدْ قِيلَ عَنْ مَالِكٍ: لَا يَقْضِي فِي الرَّبَاعِ الْمُسْتَحَقَّةِ.
فَعُمْدَةُ مَنْ رَأَى الْقَضَاءَ حَدِيثُ هِنْدٍ الْمُتَقَدِّمُ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ غَائِبًا عَنِ الْمِصْرِ. وَعُمْدَةُ مَنْ لَمْ يَرَ الْقَضَاءَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «فَإِنَّمَا أَقْضِي لَهُ بِحَسَبِ مَا أَسْمَعُ» ، وَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ حِينَ أَرْسَلَهُ إِلَى الْيَمَنِ: «لَا تَقْضِ لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ حَتَّى تَسْمَعَ مِنَ الْآخَرِ» .
وَأَمَّا الْحُكْمُ عَلَى الذِّمِّيِّ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَقْضِي بَيْنَهُمْ إِذَا تَرَافَعُوا إِلَيْهِ بِحُكْمِ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ مُخَيَّرٌ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَعَنِ الشَّافِعِيِّ الْقَوْلَانِ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَتَحَاكَمُوا إِلَيْهِ.
فَعُمْدَةُ مَنِ اشْتَرَطَ مَجِيئَهُمْ لِلْحَاكِمِ قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: 42] ، وَبِهَذَا تَمَسَّكَ مَنْ رَأَى الْخِيَارَ. وَمَنْ أَوْجَبَهُ اعْتَمَدَ قَوْله تَعَالَى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ} [المائدة: 49] ، وَرَأَى أَنَّ هَذَا نَاسِخٌ لِآيَةِ التَّخْيِيرِ. وَأَمَّا مَنْ رَأَى وُجُوبَ الْحُكْمِ عَلَيْهِمْ وَإِنْ لَمْ يَتَرَافَعُوا، فَإِنَّهُ احْتَجَّ بِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الذِّمِّيَّ إِذَا سَرَقَ قُطِعَتْ يَدُهُ.

[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي كَيْفِيَّةِ الْقَضَاءِ]
وَأَمَّا كَيْفَ يَقْضِي الْقَاضِي فَإِنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ، وَأَلَّا يَسْمَعَ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، وَأَنْ يَبْدَأَ بِالْمُدَّعِي فَيَسْأَلَهُ الْبَيِّنَةَ إِنْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَإِنْ كَانَ فِي مَالِهِ وَجَبَتِ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِاتِّفَاقٍ، وَإِنْ كَانَتْ فِي طَلَاقٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ قَتْلٍ وَجَبَتْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا تَجِبُ إِلَّا مَعَ شَاهِدٍ.
وَإِذَا كَانَ فِي الْمَالِ فَهَلْ يُحَلِّفُهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنَفْسِ الدَّعْوَى؟ أَمْ لَا يُحَلِّفُهُ حَتَّى يُثْبِتَ الْمُدَّعِي الْخُلْطَةَ؟ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ جُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ: الْيَمِينُ تَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنَفْسِ الدَّعْوَى؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 255
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست