responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 252
فَقَالَ مَالِكٌ: يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ قَدْ أُقِيمَتَا مَقَامَ الْوَاحِدِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أُقِيمَتْ مَقَامَ الْوَاحِدِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ لَا مُفْرَدَةً وَلَا مَعَ غَيْرِهِ.
وَهَلْ يُقْضَى بِالْيَمِينِ فِي الْحُدُودِ الَّتِي هِيَ حَقٌّ لِلنَّاسِ مِثْلَ الْقَذْفِ وَالْجِرَاحِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ فِي الْمَذْهَبِ.

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ النُّكُولُ]
وَأَمَّا ثُبُوتُ الْحَقِّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ أَيْضًا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ وَفُقَهَاءُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَطَائِفَةٌ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ: إِذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَجِبْ لِلْمُدَّعِي شَيْءٌ بِنَفْسِ النُّكُولِ، إِلَّا أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعِي أَوْ يَكُونَ لَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَجُمْهُورُ الْكُوفِيِّينَ: يَقْضِي لِلْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنَفْسِ النُّكُولِ، وَذَلِكَ فِي الْمَالِ بَعْدَ أَنْ يُكَرِّرَ عَلَيْهِ الْيَمِينَ ثَلَاثًا.
وَقَلْبُ الْيَمِينِ عِنْدَ مَالِكٍ يَكُونُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُقْبَلُ فِيهِ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ، وَشَاهِدٌ وَيَمِينٌ. وَقَلْبُ الْيَمِينِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَكُونُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَجِبُ فِيهِ الْيَمِينُ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: أَرُدُّهَا فِي غَيْرِ التُّهْمَةِ، وَلَا أَرُدُّهَا فِي التُّهْمَةِ. وَعِنْدَ مَالِكٍ فِي يَمِينِ التُّهْمَةِ هَلْ تَنْقَلِبُ؟ أَمْ لَا؟ قَوْلَانِ.
فَعُمْدَةُ مَنْ رَأَى أَنْ تَنْقَلِبَ الْيَمِينُ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ مِنْ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ فِي الْقَسَامَةِ الْيَمِينَ عَلَى الْيَهُودِ بَعْدَ أَنْ بَدَأَ بِالْأَنْصَارِ» . وَمِنْ حُجَّةِ مَالِكٍ أَنَّ الْحُقُوقَ عِنْدَهُ إِنَّمَا تَثْبُتُ بِشَيْئَيْنِ: إِمَّا بِيَمِينٍ وَشَاهِدٍ، وَإِمَّا بِنُكُولٍ وَشَاهِدٍ، وَإِمَّا بِنُكُولٍ وَيَمِينٍ. أَصْلُ ذَلِكَ عِنْدَهُ اشْتِرَاطُ الِاثْنَيْنِيَّةِ فِي الشَّهَادَةِ، وَلَيْسَ يَقْضِي عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بِشَاهِدٍ وَنُكُولٍ.
وَعُمْدَةُ مَنْ قَضَى بِالنُّكُولِ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَمَّا كَانَتْ لِإِثْبَاتِ الدَّعْوَى، وَالْيَمِينَ لِإِبْطَالِهَا وَجَبَ إِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ أَنْ تُحَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى. قَالُوا: وَأَمَّا نَقْلُهَا مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِلَى الْمُدَّعِي فَهُوَ خِلَافٌ لِلنَّصِّ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ قَدْ نُصَّ عَلَى أَنَّهَا دَلَالَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَهَذِهِ أُصُولُ الْحُجَجِ الَّتِي يَقْضِي بِهَا الْقَاضِي.
وَمِمَّا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ يَقْضِي الْقَاضِي بِوُصُولِ كِتَابِ قَاضٍ آخَرَ إِلَيْهِ، لَكِنَّ هَذَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ مَعَ اقْتِرَانِ الشَّهَادَةِ بِهِ، أَعْنِي: إِذَا أَشْهَدَ الْقَاضِي الَّذِي يَثْبُتُ عِنْدَهُ الْحُكْمُ شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ أَنَّ الْحُكْمَ ثَابِتٌ عِنْدَهُ، أَعْنِي: الْمَكْتُوبَ فِي الْكِتَابِ الَّذِي أَرْسَلَهُ إِلَى الْقَاضِي الثَّانِي. فَشَهِدَا عِنْدَ الْقَاضِي الثَّانِي أَنَّهُ كِتَابُهُ، وَأَنَّهُ أَشْهَدَهُمْ بِثُبُوتِهِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ يُكْتَفَى فِيهِ بِخَطِّ الْقَاضِي، وَأَنَّهُ كَانَ بِهِ الْعَمَلُ الْأَوَّلُ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 252
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست