responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 239
[الْبَابُ الثَّانِي فِي النَّظَرِ فِي الْمُحَارِبِ]
فَأَمَّا الْمُحَارِبُ فَهُوَ كُلُّ مَنْ كَانَ دَمُهُ مَحْقُونًا قَبْلَ الْحِرَابَةِ، وَهُوَ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ.

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْمُحَارِبِ]
وَأَمَّا مَا يَجِبُ عَلَى الْمُحَارِبِ فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ حَقٌّ لِلَّهِ وَحَقٌّ لِلْآدَمِيِّينَ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ حَقَّ اللَّهِ هُوَ الْقَتْلُ وَالصَّلْبُ وَقَطْعُ الْأَيْدِي وَقَطْعُ الْأَرْجُلِ مِنْ خِلَافٍ، وَالنَّفْيُ عَلَى مَا نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى فِي آيَةِ الْحِرَابَةِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الْعُقُوبَاتِ هَلْ هِيَ عَلَى التَّخْيِيرِ أَوْ مُرَتَّبَةٌ عَلَى قَدْرِ جِنَايَةِ الْمُحَارِبِ؟ فَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ قَتَلَ فَلَا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِ، وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ تَخْيِيرٌ فِي قَطْعِهِ وَلَا فِي نَفْيِهِ، وَإِنَّمَا التَّخْيِيرُ فِي قَتْلِهِ أَوْ صَلْبِهِ.
وَأَمَّا إِنْ أَخَذَ الْمَالَ، وَلَمْ يَقْتُلْ - فَلَا تَخْيِيرَ فِي نَفْيِهِ، وَإِنَّمَا التَّخْيِيرُ فِي قَتْلِهِ، أَوْ صَلْبِهِ، أَوْ قَطْعِهِ مِنْ خِلَافٍ. وَأَمَّا إِذَا أَخَافَ السَّبِيلَ فَقَطْ فَالْإِمَامُ عِنْدَهُ مُخَيَّرٌ فِي قَتْلِهِ، أَوْ صَلْبِهِ، أَوْ قَطْعِهِ، أَوْ نَفْيِهِ. وَمَعْنَى التَّخْيِيرِ عِنْدَهُ أَنَّ الْأَمْرَ رَاجِعٌ فِي ذَلِكَ إِلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ؛ فَإِنْ كَانَ الْمُحَارِبُ مِمَّنْ لَهُ الرَّأْيُ وَالتَّدْبِيرُ فَوَجْهُ الِاجْتِهَادِ قَتْلُهُ أَوْ صَلْبُهُ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ لَا يَرْفَعُ ضَرَرَهُ. وَإِنْ كَانَ لَا رَأْيَ لَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ ذُو قُوَّةٍ وَبَأْسٍ - قَطَعَهُ مِنْ خِلَافٍ. وَإِنْ كَانَ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ هَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ أَخَذَ بِأَيْسَرِ ذَلِكَ فِيهِ، وَهُوَ الضَّرْبُ وَالنَّفْيُ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْعُقُوبَةَ هِيَ مُرَتَّبَةٌ عَلَى الْجِنَايَاتِ الْمَعْلُومِ مِنَ الشَّرْعِ تَرْتِيبُهَا عَلَيْهِ، فَلَا يُقْتَلُ مِنَ الْمُحَارِبِينَ إِلَّا مَنْ قَتَلَ، وَلَا يُقْطَعُ إِلَّا مَنْ أَخَذَ الْمَالَ، وَلَا يُنْفَى إِلَّا مَنْ لَمْ يَأْخُذِ الْمَالَ وَلَا قَتَلَ. وَقَالَ قَوْمٌ: بَلِ الْإِمَامُ مُخَيَّرٌ فِيهِمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَسَوَاءٌ قَتَلَ أَمْ لَمْ يَقْتُلْ، أَخَذَ الْمَالَ أَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ.
وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ حَرْفُ " أَوْ " فِي الْآيَةِ لِلتَّخْيِيرِ؟ أَوْ لِلتَّفْصِيلِ عَلَى حَسَبِ جِنَايَاتِهِمْ؟ وَمَالِكٌ حَمَلَ الْبَعْضَ مِنَ الْمُحَارِبِينَ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَالْبَعْضَ عَلَى التَّخْيِيرِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: {أَوْ يُصَلَّبُوا} [المائدة: 33] ، فَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّهُ يُصْلَبُ حَتَّى يَمُوتَ جُوعًا، وَقَالَ قَوْمٌ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ يُقْتَلُ وَيُصْلَبُ مَعًا. وَهَؤُلَاءِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُقْتَلُ أَوَّلًا، ثُمَّ يُصْلَبُ، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ. وَقِيلَ: إِنَّهُ يُصْلَبُ حَيًّا، ثُمَّ يُقْتَلُ فِي الْخَشَبَةِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ.
وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ يُقْتَلُ أَوَّلًا، ثُمَّ يُصْلَبُ - صُلِّيَ عَلَيْهِ عِنْدَهُ قَبْلَ الصَّلْبِ، وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ يُقْتَلُ فِي الْخَشَبَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ تَنْكِيلًا لَهُ، وَقِيلَ: يَقِفُ خَلْفَ الْخَشَبَةِ وَيُصَلِّي عَلَيْهِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ: إِذَا قُتِلَ فِي الْخَشَبَةِ أُنْزِلَ مِنْهَا، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ.
وَهَلْ يُعَادُ إِلَى الْخَشَبَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ عَنْهُ. وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ أَنَّهُ لَا يَبْقَى عَلَى الْخَشَبَةِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 239
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست