responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 226
فَلِأَنَّهُ رَأَى أَنَّهُ وَاجِبٌ أَنْ يَتَعَدَّدَ الْحَدُّ بِتَعَدُّدِ الْقَذْفِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ تَعَدُّدُ الْمَقْذُوفِ وَتَعَدُّدُ الْقَذْفِ كَانَ أَوْجَبَ أَنْ يَتَعَدَّدَ الْحَدُّ.
وَأَمَّا سُقُوطُهُ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي سُقُوطِهِ بِعَفْوِ الْمَقْذُوفِ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ: لَا يَصِحُّ الْعَفْوُ، أَيْ: لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَصِحُّ الْعَفْوُ (أَيْ: يَسْقُطُ الْحَدُّ) بَلَغَ الْإِمَامَ، أَوْ لَمْ يَبْلُغْ. وَقَالَ قَوْمٌ: إِنْ بَلَغَ الْإِمَامَ لَمْ يَجُزِ الْعَفْوُ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ جَازَ الْعَفْوُ. وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ، فَمَرَّةً قَالَ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَمَرَّةً قَالَ: يَجُوزُ إِذَا لَمْ يَبْلُغِ الْإِمَامَ، وَإِنْ بَلَغَ لَمْ يَجُزْ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ الْمَقْذُوفُ السَّتْرَ عَلَى نَفْسِهِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ.
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ هَلْ هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ؟ أَوْ حَقٌّ لِلْآدَمِيِّينَ، أَوْ حَقٌّ لِكِلَيْهِمَا؟ فَمَنْ قَالَ: حَقٌّ لِلَّهِ - لَمْ يُجِزِ الْعَفْوَ كَالزِّنَى. وَمَنْ قَالَ: حَقٌّ لِلْآدَمِيِّينَ - أَجَازَ الْعَفْوَ. وَمَنْ قَالَ: لِكِلَيْهِمَا، وَغَلَّبَ حَقَّ الْإِمَامِ إِذَا وَصَلَ إِلَيْهِ - قَالَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَصِلَ الْإِمَامَ أَوْ لَا يَصِلَ. وَقِيَاسًا عَلَى الْأَثَرِ الْوَارِدِ فِي السَّرِقَةِ. وَعُمْدَةُ مَنْ رَأَى أَنَّهُ حَقٌّ لِلْآدَمِيِّينَ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ - أَنَّ الْمَقْذُوفَ إِذَا صَدَّقَهُ فِيمَا قَذَفَهُ بِهِ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ.
وَأَمَّا مَنْ يُقِيمُ الْحَدَّ فَلَا خِلَافَ أَنَّ الْإِمَامَ يُقِيمُهُ فِي الْقَذْفِ.
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْقَاذِفِ مَعَ الْحَدِّ سُقُوطُ شَهَادَتِهِ مَا لَمْ يَتُبْ. وَاخْتَلَفُوا إِذَا تَابَ، فَقَالَ مَالِكٌ: تَجُوزُ شَهَادَتُهُ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ أَبَدًا.
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ هَلِ الِاسْتِثْنَاءُ يَعُودُ إِلَى الْجُمْلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، أَوْ يَعُودُ إِلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ، وَذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4] {إِلا الَّذِينَ تَابُوا} [النور: 5] ؛ فَمَنْ قَالَ: يَعُودُ إِلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ قَالَ: التَّوْبَةُ تَرْفَعُ الْفِسْقَ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. وَمَنْ رَأَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَتَنَاوَلُ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا قَالَ: التَّوْبَةُ تَرْفَعُ الْفِسْقَ وَرَدَّ الشَّهَادَةَ. وَكَوْنُ ارْتِفَاعِ الْفِسْقِ مَعَ رَدِّ الشَّهَادَةِ أَمْرٌ غَيْرُ مُنَاسِبٍ فِي الشَّرْعِ (أَيْ: خَارِجٌ عَنِ الْأُصُولِ) ؛ لِأَنَّ الْفِسْقَ مَتَى ارْتَفَعَ قُبِلَتِ الشَّهَادَةُ. وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ التَّوْبَةَ لَا تَرْفَعُ الْحَدَّ.
وَأَمَّا بِمَاذَا يَثْبُتُ؟ فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ حُرَّيْنِ ذَكَرَيْنِ. وَاخْتُلِفَ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ: هَلْ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَبِشَهَادَةِ النِّسَاءِ؟ وَهَلْ تَلْزَمُ فِي الدَّعْوَى فِيهِ يَمِينٌ؟ وَإِنْ نَكَلَ فَهَلْ يُحَدُّ بِالنُّكُولِ وَيَمِينِ الْمُدَّعِي؟ فَهَذِهِ هِيَ أُصُولُ هَذَا الْبَابِ الَّتِي تَنْبَنِي عَلَيْهِ فُرُوعُهُ.
قَالَ الْقَاضِي: وَإِنْ أَنْسَأَ اللَّهُ فِي الْعُمُرِ فَسَنَضَعُ كِتَابًا فِي الْفُرُوعِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ مُرَتَّبًا تَرْتِيبًا صِنَاعِيًّا؛ إِذْ كَانَ الْمَذْهَبَ الْمَعْمُولَ بِهِ فِي هَذِهِ الْجَزِيرَةِ، الَّتِي هِيَ جَزِيرَةُ الْأَنْدَلُسِ حَتَّى يَكُونَ بِهِ الْقَارِئُ مُجْتَهِدًا فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ إِحْصَاءَ جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ عِنْدِي شَيْءٌ يَنْقَطِعُ الْعُمُرُ دُونَهُ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 226
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست