responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 203
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَوْضِعِ الْمُوضِحَةِ مِنَ الْجَسَدِ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى مَا قُلْنَا، أَعْنِي عَلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي الْعَمْدِ، وَوُجُوبِ الدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ مِنْهَا؛ فَقَالَ مَالِكٌ: لَا تَكُونُ الْمُوضِحَةُ إِلَّا فِي جِهَةِ الرَّأْسِ وَالْجَبْهَةِ وَالْخَدَّيْنِ وَاللَّحْيِ الْأَعْلَى، وَلَا تَكُونُ فِي اللَّحْيِ الْأَسْفَلِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْعُنُقِ وَلَا فِي الْأَنْفِ. وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ فَالْمُوضِحَةُ عِنْدَهُمْ فِي جَمِيعِ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ.
وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا لَا تَكُونُ فِي الْجَسَدِ، وَقَالَ اللَّيْثُ وَطَائِفَةٌ: تَكُونُ فِي الْجَنْبِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِذَا كَانَتْ فِي الْجَسَدِ كَانَتْ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَتِهَا فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: فِي مُوضِحَةِ الْجَسَدِ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ ذَلِكَ الْعُضْوِ.
وَغَلَّظَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي مُوضِحَةِ الْوَجْهِ تَبْرَأُ عَلَى شَيْنٍ، فَرَأَى فِيهَا مِثْلَ نِصْفِ عَقْلِهَا زَائِدًا عَلَى عَقْلِهَا. وَرَوَى ذَلِكَ مَالِكٌ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ. وَاضْطَرَبَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ؛ فَمَرَّةً قَالَ بِقَوْلِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَمَرَّةً قَالَ: لَا يُزَادُ فِيهَا عَلَى عَقْلِهَا شَيْءٌ. وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ. وَقَدْ قِيلَ عَنْ مَالِكٍ إِنَّهُ قَالَ: إِذَا شَانَتِ الْوَجْهَ كَانَ فِيهَا حُكُومَةٌ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيفٍ، وَمَعْنَى الْحُكُومَةِ عِنْدَ مَالِكٍ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ أَنْ لَوْ كَانَ عَبْدًا.
وَأَمَّا الْهَاشِمَةُ فَفِيهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ عُشْرُ الدِّيَةِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الْهَاشِمَةُ هِيَ الْمُنَقِّلَةُ وَشَذَّ.
وَأَمَّا الْمُنَقِّلَةُ فَلَا خِلَافَ أَنَّ فِيهَا عُشْرَ الدِّيَةِ وَنِصْفَ الْعُشْرِ إِذَا كَانَتْ خَطَأً، فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ عَمْدًا فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنْ لَيْسَ فِيهَا قَوَدٌ لِمَكَانِ الْخَوْفِ. وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ أَقَادَ مِنْهَا وَمِنَ الْمَأْمُومَةِ.
وَأَمَّا الْهَاشِمَةُ فِي الْعَمْدِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا قَوَدٌ. وَمَنْ أَجَازَ الْقَوَدَ مِنَ الْمُنَقِّلَةِ كَانَ أَحْرَى أَنْ يُجِيزَ ذَلِكَ مِنَ الْهَاشِمَةِ.
وَأَمَّا الْمَأْمُومَةُ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُقَادُ مِنْهَا، وَأَنَّ فِيهَا ثُلُثَ الدِّيَةِ إِلَّا مَا حُكِيَ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَأَمَّا الْجَائِفَةُ فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا مِنْ جِرَاحِ الْجَسَدِ لَا مِنْ جِرَاحِ الرَّأْسِ، وَأَنَّهَا لَا يُقَادُ مِنْهَا، وَأَنَّ فِيهَا ثُلُثَ الدِّيَةِ، وَأَنَّهَا جَائِفَةٌ مَتَى وَقَعَتْ فِي الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ. وَاخْتَلَفُوا إِذَا وَقَعَتْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْضَاءِ، فَنَفَذَتْ إِلَى تَجْوِيفِهِ - فَحَكَى مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ فِي كُلِّ جِرَاحَةٍ نَافِذَةٍ إِلَى تَجْوِيفِ عُضْوٍ مِنَ الْأَعْضَاءِ - أَيِّ عُضْوٍ كَانَ - ثُلُثَ دِيَةِ ذَلِكَ الْعُضْوِ.
وَحَكَى ابْنُ شِهَابٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى ذَلِكَ، وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ مَالِكٌ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ عِنْدَهُ فِي هَذَا لَا يَسُوغُ. وَإِنَّمَا سَنَدُهُ فِي ذَلِكَ الِاجْتِهَادُ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيفٍ، وَأَمَّا سَعِيدٌ فَإِنَّهُ قَاسَ ذَلِكَ عَلَى الْجَائِفَةِ عَلَى نَحْوِ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ فِي مُوضِحَةِ الْجَسَدِ. وَأَمَّا الْجِرَاحَاتُ الَّتِي تَقَعُ فِي سَائِرِ الْجَسَدِ فَلَيْسَ فِي الْخَطَأِ مِنْهَا إِلَّا الْحُكُومَةُ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 203
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست