responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 191
عَنْ مَالِكٍ، وَبِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَبِالْقَوْلِ الْآخَرِ قَالَ الْمُغِيرَةُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَابْنُ دِينَارٍ. وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: لَيْسَ لِلصَّحِيحِ الَّذِي فُقِئَتْ عَيْنُهُ إِلَّا الْقَوَدُ أَوْ مَا اصْطَلَحَا عَلَيْهِ، وَقَدْ قِيلَ لَا يَسْتَقِيدُ مِنَ الْأَعْوَرِ وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً، رُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، وَعَنْ عُثْمَانَ.
وَعُمْدَةُ صَاحِبِ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ عَيْنَ الْأَعْوَرِ بِمَنْزِلَةِ عَيْنَيْنِ، فَمَنْ فَقَأَهَا فِي وَاحِدَةٍ فَكَأَنَّهُ اقْتَصَّ مِنِ اثْنَيْنِ فِي وَاحِدَةٍ، وَإِلَى نَحْوِ هَذَا ذَهَبَ مَنْ رَأَى أَنَّهُ إِذَا تَرَكَ الْقَوَدَ أَنَّ لَهُ دِيَةً كَامِلَةً، وَيَلْزَمُ حَامِلَ هَذَا الْقَوْلِ أَنْ لَا يَسْتَقِيدَ ضَرُورَةً، وَمَنْ قَالَ بِالْقَوَدِ وَجَعَلَ الدِّيَةَ نِصْفَ الدِّيَةِ فَهُوَ أَحْرَزُ لِأَصْلِهِ، فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ بَيَّنَ بِنَفْسِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا هَلِ الْمَجْرُوحُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَأَخْذِ الدِّيَةِ، أَمْ لَيْسَ لَهُ إِلَّا الْقِصَاصُ فَقَطْ إِلَّا أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى أَخْذِ الدِّيَةِ؟ فَفِيهِ الْقَوْلَانِ عَنْ مَالِكٍ مِثْلَ الْقَوْلَيْنِ فِي الْقَتْلِ، وَكَذَلِكَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِي الْأَعْوَرِ يَفْقَأُ عَيْنَ الصَّحِيحِ: أَنَّ الصَّحِيحَ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَفْقَأَ عَيْنَ الْأَعْوَرِ أَوْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ أَلْفَ دِينَارٍ أَوْ خَمْسَمِائَةٍ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ.
وَأَمَّا مَتَى يُسْتَقَادُ مِنَ الْجُرْحِ؟ فَعِنْدَ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُسْتَقَادُ مِنْ جُرْحٍ إِلَّا بَعْدَ انْدِمَالِهِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَى الْفَوْرِ، فَالشَّافِعِيُّ تَمَسَّكَ بِالظَّاهِرِ.
وَمَالِكٌ رَأَى أَنْ يُعْتَبَرَ مَا يَئُولُ إِلَيْهِ أَمْرُ الْجُرْحِ مَخَافَةَ أَنْ يُفْضِيَ إِلَى إِتْلَافِ النَّفْسِ.
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُقْتَصِّ مِنَ الْجُرْحِ يَمُوتُ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ ذَلِكَ الْجُرْحِ، فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُقْتَصِّ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ مِثْلُ ذَلِكَ، وَبِهِ قَالَ: أَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَدَاوُدُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَجَمَاعَةٌ: إِذَا مَاتَ وَجَبَ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُقْتَصِّ الدِّيَةُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ فِي مَالِهِ. وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ: يَسْقُطُ عَنْهُ مِنَ الدِّيَةِ قَدْرُ الْحَاجَةِ الَّتِي اقْتَصَّ مِنْهَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ.
فَعُمْدَةُ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّ السَّارِقَ إِذَا مَاتَ مِنْ قَطْعِ يَدِهِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الَّذِي قَطَعَ يَدَهُ. وَعُمْدَةُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَتْلُ خَطَأٍ وَجَبَتْ فِيهِ الدِّيَةُ.
وَلَا يُقَادُ عِنْدَ مَالِكٍ فِي الْحَرِّ الشَّدِيدِ وَلَا الْبَرْدِ الشَّدِيدِ، وَيُؤَخَّرُ ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَمُوتَ الْمُقَادُ مِنْهُ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْمَكَانَ شَرْطٌ فِي جَوَازِ الْقِصَاصِ وَهُوَ غَيْرُ الْحَرَمِ، فَهَذَا هُوَ حُكْمُ الْعَمْدِ فِي الْجِنَايَاتِ عَلَى النَّفْسِ وَفِي الْجِنَايَاتِ عَلَى أَعْضَاءِ الْبَدَنِ، وَيَنْبَغِي أَنْ نَصِيرَ إِلَى حُكْمِ الْخَطَأِ فِي ذَلِكَ، وَنَبْتَدِئَ بِحُكْمِ الْخَطَأِ فِي النَّفْسِ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 191
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست