responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 185
زَمَانِهِ بِالرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ، وَهُوَ أَنْ لَا يُنْتَظَرَ الصَّغِيرُ، فَأَفْتَى هُوَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِانْتِظَارِهِ عَلَى الْقِيَاسِ، فَشَنَّعَ أَهْلُ زَمَانِهِ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ شِدَّةِ التَّقْلِيدِ حَتَّى اضْطُرَّ أَنْ يَضَعَ فِي ذَلِكَ قَوْلًا يَنْتَصِرُ فِيهِ لِهَذَا الْمَذْهَبِ وَهُوَ مَوْجُودٌ بِأَيْدِي النَّاسِ.
وَالنَّظَرُ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ فِي قِسْمَيْنِ: فِي الْعَفْوِ وَالْقِصَاصِ.

وَالنَّظَرُ فِي الْعَفْوِ فِي شَيْئَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: فِيمَنْ لَهُ الْعَفْوُ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ، وَتَرْتِيبُ أَهْلِ الدَّمِ فِي ذَلِكَ.
وَهَلْ يَكُونُ لَهُ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ أَمْ لَا؟ وَقَدْ تَكَلَّمْنَا فِي هَلْ لَهُ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ؟
وَأَمَّا مَنْ لَهُمُ الْعَفْوُ بِالْجُمْلَةِ فَهُمُ الَّذِينَ لَهُمُ الْقِيَامُ بِالدَّمِ، وَالَّذِينَ لَهُمُ الْقِيَامُ بِالدَّمِ هُمُ الْعَصَبَةُ عِنْدَ مَالِكٍ وَعِنْدَ غَيْرِهِ: كُلُّ مَنْ يَرِثُ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمَقْتُولَ عَمْدًا إِذَا كَانَ لَهُ بَنُونَ بَالِغُونَ فَعَفَا أَحَدُهُمْ أَنَّ الْقِصَاصَ قَدْ بَطَلَ وَوَجَبَتِ الدِّيَةُ.
وَاخْتَلَفُوا فِي اخْتِلَافِ الْبَنَاتِ مَعَ الْبَنِينَ فِي الْعَفْوِ أَوْ فِي الْقِصَاصِ. وَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ أَوِ الزَّوْجُ وَالْأَخَوَاتُ، فَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لِلْبَنَاتِ وَلَا الْأَخَوَاتِ قَوْلٌ مَعَ الْبَنِينَ وَالْإِخْوَةِ فِي الْقِصَاصِ أَوْ ضِدِّهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهُنَّ مَعَ الرِّجَالِ، وَكَذَلِكَ الْأَمْرُ فِي الزَّوْجَةِ وَالزَّوْجِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ كُلُّ وَارِثٍ يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ فِي إِسْقَاطِ الْقِصَاصِ وَفِي إِسْقَاطِ حَظِّهِ مِنَ الدِّيَةِ، وَفِي الْأَخْذِ بِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْغَائِبُ مِنْهُمْ وَالْحَاضِرُ وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ سَوَاءٌ.
وَعُمْدَةُ هَؤُلَاءِ اعْتِبَارُهُمُ الدَّمَ بِالدِّيَةِ. وَعُمْدَةُ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْوِلَايَةَ إِنَّمَا هِيَ لِلذُّكْرَانِ دُونَ الْإِنَاثِ.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَقْتُولِ عَمْدًا إِذَا عَفَا عَنْ دَمِهِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ هَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ؟ وَكَذَلِكَ فِي الْمَقْتُولِ خَطَأً إِذَا عَفَا عَنِ الدِّيَةِ، فَقَالَ قَوْمٌ: إِذَا عَفَا الْمَقْتُولُ عَنْ دَمِهِ فِي الْعَمْدِ مَضَى ذَلِكَ، وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: لَا يَلْزَمُ عَفْوُهُ، وَلِلْأَوْلِيَاءِ الْقِصَاصُ أَوِ الْعَفْوُ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ أَبُو ثَوْرٍ، وَدَاوُدُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ بِالْعِرَاقِ.
وَعُمْدَةُ هَذِهِ الطَّائِفَةِ أَنَّ اللَّهَ خَيَّرَ الْوَلِيَّ فِي ثَلَاثٍ: إِمَّا الْعَفْوُ، وَإِمَّا الْقِصَاصُ، وَإِمَّا الدِّيَةُ. وَذَلِكَ عَامٌّ فِي كُلِّ مَقْتُولٍ سَوَاءٌ عَفَا عَنْ دَمِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ لَمْ يَعْفُ.
وَعُمْدَةُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي جُعِلَ لِلْوَلِيِّ إِنَّمَا هُوَ حَقُّ الْمَقْتُولِ، فَنَابَ فِيهِ مَنَابَهُ، وَأُقِيمَ مَقَامَهُ، فَكَانَ الْمَقْتُولُ أَحَقَّ بِالْخِيَارِ مِنَ الَّذِي أُقِيمَ مَقَامَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ. وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} [المائدة: 45] أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُتَصَدِّقِ هَاهُنَا هُوَ الْمَقْتُولُ يَتَصَدَّقُ بِدَمِهِ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 185
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست