responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 17
وَأَمَّا تَضْمِينُ الصُّنَّاعِ مَا ادَّعَوْا هَلَاكَهُ مِنَ الْمَصْنُوعَاتِ الْمَدْفُوعَةِ إِلَيْهِمْ، فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ مَالِكٌ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَأَبُو يُوسُفَ: يَضْمَنُونَ مَا هَلَكَ عِنْدَهُمْ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَضْمَنُ مَنْ عَمِلَ بِغَيْرِ أَجْرٍ، وَلَا الْخَاصُّ، وَيَضْمَنُ الْمُشْتَرَكُ، وَمَنْ عَمِلَ بِأَجْرٍ. وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ فِي الْمُشْتَرَكِ. وَالْخَاصُّ عِنْدَهُمْ هُوَ الَّذِي يَعْمَلُ فِي مَنْزِلِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَمْ يَنْتَصِبْ لِلنَّاسِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي الْخَاصِّ، وَهُوَ عِنْدَهُ غَيْرُ ضَامِنٍ، وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ عَلَى هَذَا أَنَّ الصَّانِعَ الْمُشْتَرَكَ يَضْمَنُ، وَسَوَاءٌ عَمِلَ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ، وَبِتَضْمِينِ الصُّنَّاعِ قَالَ عَلِيٌّ وَعُمَرُ، وَإِنْ كَانَ قَدِ اخْتُلِفَ عَنْ عَلِيٍّ فِي ذَلِكَ.
وَعُمْدَةُ مَنْ لَمْ يَرَ الضَّمَانَ عَلَيْهِمْ أَنَّهُ شَبَّهَ الصُّنَّاع بِالْمُودَعِ عِنْدَهُ، وَالشَّرِيكِ، وَالْوَكِيلِ، وَأَجِيرِ الْغَنَمِ.
وَمَنْ ضَمَّنَهُ فَلَا دَلِيلَ لَهُ إِلَّا النَّظَرُ إِلَى الْمَصْلَحَةِ وَسَدِّ الذَّرِيعَةِ.
وَأَمَّا مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَعْمَلُوا بِأَجْرٍ أَوْ لَا يَعْمَلُوا بِأَجْرٍ: فَلِأَنَّ الْعَامِلَ بِغَيْرِ أَجْرٍ إِنَّمَا قَبَضَ الْمَعْمُولَ لِمَنْفَعَةِ صَاحِبِهِ فَقَطْ، فَأَشْبَهَ الْمُودَعَ، وَإِذَا قَبَضَهَا بِأَجْرٍ فَالْمَنْفَعَةُ لِكِلَيْهِمَا، فَغَلَبَتْ مَنْفَعَةُ الْقَابِضِ، أَصْلُهُ الْقَرْضُ وَالْعَارِيَةُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا مَنْ لَمْ يَنْصِبْ نَفْسَهُ لَمْ يَكُنْ فِي تَضْمِينِهِ سَدُّ ذَرِيعَةٍ.
وَالْأَجِيرُ عِنْدَ مَالِكٍ كَمَا قُلْنَا لَا يَضْمَنُ إِلَّا أَنَّهُ اسْتَحْسَنَ تَضْمِينَ حَامِلِ الْقُوتِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ، وَكَذَلِكَ الطَّحَّانُ، وَمَا عَدَا غَيْرَهُمْ فَلَا يَضْمَنُ إِلَّا بِالتَّعَدِّي، وَصَاحِبُ الْحَمَّامِ لَا يَضْمَنُ عِنْدَهُ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ، وَقَدْ قِيلَ: يَضْمَنُ. وَشَذَّ أَشْهَبُ فَضَمَّنَ الصُّنَّاعَ مَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى هَلَاكِهِ عِنْدَهُمْ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ مِنْهُمْ وَلَا تَفْرِيطٍ، وَهُوَ شُذُوذٌ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ الصُّنَّاعَ لَا يَضْمَنُونَ مَا لَمْ يَقْبِضُوا فِي مَنَازِلِهِمْ.
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى هَلَاكِ الْمَصْنُوعِ، وَسَقَطَ الضَّمَانُ عَنْهُمْ; هَلْ تَجِبُ لَهُمُ الْأُجْرَةُ أَمْ لَا، إِذَا كَانَ هَلَاكُهُ بَعْدَ إِتْمَامِ الصَّنْعَةِ أَوْ بَعْدَ تَمَامِ بَعْضِهَا؟ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا أُجْرَةَ لَهُمْ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: لَهُمُ الْأُجْرَةُ.
وَوَجْهُ مَا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ أَنَّ الْمُصِيبَةَ إِذَا نَزَلَتْ بِالْمُسْتَأْجِرِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَمْضِيَ عَمَلُ الصَّانِعِ بَاطِلًا.
وَوَجْهُ مَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ الْأُجْرَةَ إِنَّمَا اسْتُوجِبَتْ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ، فَأَشْبَهَ ذَلِكَ إِذَا هَلَكَ بِتَفْرِيطٍ مِنَ الْأَجِيرِ، وَقَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ أَقْيَسُ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَكْثَرُ نَظَرًا إِلَى الْمَصْلَحَةِ; لِأَنَّهُ رَأَى أَنْ يَشْتَرِكُوا فِي الْمُصِيبَةِ.
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ اخْتِلَافُهُمْ فِي ضَمَانِ صَاحِبِ السَّفِينَةِ: فَقَالَ مَالِكٌ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: عَلَيْهِ الضَّمَانُ إِلَّا مِنَ الْمَوْجِ.
وَأَصْلُ مَذْهَبٍ مَالِكٍ: أَنَّ الصُّنَّاعَ يَضْمَنُونَ كُلَّ مَا أَتَى عَلَى أَيْدِيهِمْ مِنْ حَرْقٍ، أَوْ كَسْرٍ فِي الْمَصْنُوعِ، أَوْ قَطْعٍ إِذَا عَمِلَهُ فِي حَانُوتِهِ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ قَاعِدًا مَعَهُ، إِلَّا فِيمَا كَانَ فِيهِ تَغْرِيرٌ مِنَ الْأَعْمَالِ، مِثْلُ ثَقْبِ الْجَوَاهِرِ، وَنَقْشِ الْفُصُوصِ، وَتَقْوِيمِ السُّيُوفِ،

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 17
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست