responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 14
وَمِنْ ذَلِكَ اخْتِلَافُهُمْ فِيمَنِ اكْتَرَى دَابَّةً أَوْ دَارًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ; هَلْ لَهُ أَنْ يَكْرِيَ ذَلِكَ بِأَكْثَرَ مِمَّا اكْتَرَاهُ؟ فَأَجَازَهُ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَجَمَاعَةٌ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ، وَمَنَعَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ.
وَعُمْدَتُهُمْ: أَنَّهُ مِنْ بَابِ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ; لِأَنَّ ضَمَانَ الْأَصْلِ هُوَ مِنْ رَبِّهِ (أَعْنِي: مِنَ الْمُكْرِي) ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ مِنْ بَابِ بَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ، وَأَجَازَ ذَلِكَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِذَا أَحْدَثَ فِيهَا عَمَلًا. وَمِمَّنْ لَمْ يَكْرَهْ ذَلِكَ إِذَا وَقَعَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْجُمْهُورُ رَأَوْا أَنَّ الْإِجَارَةَ فِي هَذَا شَبِيهَةٌ بِالْبَيْعِ.
وَمِنْهَا: أَنْ يَكْرِيَ الدَّارَ مِنَ الَّذِي أَكْرَاهَا مِنْهُ، فَقَالَ مَالِكٌ: يَجُوزُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَجُوزُ، وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا فِي الْكِرَاءِ فَهُوَ مِنْ بَابِ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ.
وَمِنْهَا: إِذَا اكْتَرَى أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا حِنْطَةً، فَأَرَادَ أَنْ يَزْرَعَهَا شَعِيرًا، أَوْ مَا ضَرَرُهُ مِثْلُ ضَرَرِ الْحِنْطَةِ، أَوْ دُونَهُ: فَقَالَ مَالِكٌ: لَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ دَاوُدُ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.
وَمِنْهَا: اخْتِلَافُهُمْ فِي كَنْسِ مَرَاحِيضِ الدُّورِ الْمُكْتَرَاةِ، فَالْمَشْهُورُ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ عَلَى أَرْبَابِ الدُّورِ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ عَلَى الْمُكْتَرِي، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَاسْتَثْنَى ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ هَذِهِ الْفَنَادِقَ الَّتِي تَدْخُلُهَا قَوْمٌ وَتَخْرُجُ قَوْمٌ، فَقَالَ: الْكَنْسُ فِي هَذِهِ عَلَى رَبِّ الدَّارِ. وَمِنْهَا: اخْتِلَافُ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِي الِانْهِدَامِ الْيَسِيرِ مِنَ الدَّارِ، هَلْ يَلْزَمُ رَبَّ الدَّارِ إِصْلَاحُهُ، أَمْ لَيْسَ يَلْزَمُ؟ وَيَنْحَطُّ عَنْهُ مِنَ الْكِرَاءِ ذَلِكَ الْقَدْرُ؟ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَلْزَمُهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِهِ: يَلْزَمُهُ.
وَفُرُوعُ هَذَا الْبَابِ كَثِيرَةٌ، وَلَيْسَ قَصْدُنَا التَّفْرِيعَ فِي هَذَا الْكِتَابِ.

الْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ.
وَهِيَ النَّظَرُ فِي أَحْكَامِ الطَّوَارِئِ.
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ مِنْهُ وَهُوَ النَّظَرُ فِي الْفُسُوخِ.
فَنَقُولُ: إِنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ ; فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ، وَحُكِيَ عَنْ قَوْمٍ أَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ تَشْبِيهًا بِالْجُعْلِ وَالشَّرِكَةِ.
وَالَّذِينَ قَالُوا: إِنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ اخْتَلَفُوا فِيمَا يَنْفَسِخُ بِهِ:
فَذَهَبَ جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَغَيْرُهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ إِلَّا بِمَا تَنْفَسِخُ بِهِ الْعُقُودُ اللَّازِمَةُ مِنْ وُجُودِ الْعَيْبِ بِهَا أَوْ ذَهَابِ مَحِلِّ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ: يَجُوزُ فَسْخُ عَقْدِ الْإِجَارَةِ لِلْعُذْرِ الطَّارِئِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، مِثْلُ أَنْ يُكْرِيَ دُكَّانًا يَتَّجِرُ فِيهِ فَيَحْتَرِقُ مَتَاعُهُ أَوْ يُسْرَقُ.
وَعُمْدَةُ الْجُمْهُورِ قَوْله تَعَالَى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] ; لِأَنَّ الْكِرَاءَ عَقْدٌ عَلَى مَنَافِعَ فَأَشْبَهَ النِّكَاحَ، وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مُعَاوَضَةٍ فَلَمْ يَنْفَسِخْ، أَصْلُهُ الْبَيْعُ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 14
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست