responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 138
النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ» .
وَعُمْدَةُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ هَذَا بِدَلِيلِ الْخِطَابِ أَنَّ الْمُسْلِمَ يَرِثُ الْمُسْلِمَ وَالْكَافِرَ يَرِثُ الْكَافِرَ. وَالْقَوْلُ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ فِيهِ ضَعْفٌ وَخَاصَّةً هُنَا.

[تَوْرِيثُ الْحُمَلَاءِ]
وَاخْتَلَفُوا فِي تَوْرِيثِ الْحُمَلَاءِ، وَالْحُمَلَاءُ هُمُ الَّذِينَ يَتَحَمَّلُونَ بِأَوْلَادِهِمْ مِنْ بِلَادِ الشِّرْكِ إِلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَهُمْ يَدَّعُونَ تِلْكَ الْوِلَادَةَ الْمُوجِبَةَ لِلنَّسَبِ، وَذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
قَوْلِ: إِنَّهُمْ يَتَوَارَثُونَ بِمَا يَدَّعُونَ مِنَ النَّسَبِ، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ إِسْحَاقُ.
وَقَوْلِ: إِنَّهُمْ لَا يَتَوَارَثُونَ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَى أَنْسَابِهِمْ، وَبِهِ قَالَ شُرَيْحٌ، وَالْحَسَنُ وَجَمَاعَةٌ.
وَقَوْلِ: إِنَّهُمْ لَا يَتَوَارَثُونَ أَصْلًا.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ ثلَاثَةُ الْأَقْوَالِ، إِلَّا أَنَّ الْأَشْهُرَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ لَا يُوَرِّثُ إِلَّا مَنْ وُلِدَ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ.
وَأَمَّا مَالِكٌ، وَأَصْحَابُهُ فَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى أَنْ لَا يُوَرَّثُوا إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى أَنْ لَا يُوَرَّثُوا أَصْلًا وَلَا بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ.
وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي أَهْلِ حِصْنٍ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ الْإِسْلَامِ، فَشَهِدَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَنَّهُمْ يَتَوَارَثُونَ، وَهَذَا يَتَخَرَّجُ مِنْهُ أَنَّهُمْ يَتَوَارَثُونَ بِلَا بَيِّنَةٍ ; لِأَنَّ مَالِكًا لَا يُجَوِّزُ شَهَادَةَ الْكُفَّارِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، قَالَ: فَأَمَّا إِنْ سُبُوا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ فِي ذَلِكَ وَبِنَحْوِ هَذَا التَّفْصِيلِ قَالَ الْكُوفِيُّونَ وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنْ خَرَجُوا إِلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِمْ يَدٌ قُبِلَتْ دَعْوَاهُمْ فِي أَنْسَابِهِمْ، وَأَمَّا إِنْ أَدْرَكَهُمُ السَّبْيُ وَالرِّقُّ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ. فَفِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: اثْنَانِ طَرَفَانِ، وَاثْنَانِ مُفَرِّقَانِ.
وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَمِنَ الصَّحَابَةِ عَلِيٌّ وَزَيْدٌ، وَعُمَرُ أَنَّ مَنْ لَا يَرِثُ لَا يَحْجُبُ مِثْلَ الْكَافِرِ وَالْمَمْلُوكِ وَالْقَاتِلِ عَمْدًا، وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَحْجُبُ بِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ دُونَ أَنْ يُوَرِّثَهُمْ أَعْنِي: بِأَهْلِ الْكِتَابِ وَبِالْعَبِيدِ وَبِالْقَاتِلِينَ عَمْدًا، وَبِهِ قَالَ دَاوُدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ.
وَعُمْدَةُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْحَجْبَ فِي مَعْنَى الْإِرْثِ وَأَنَّهُمَا مُتَلَازِمَانِ. وَحَجَّةُ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْحَجْبَ لَا يَرْتَفِعُ إِلَّا بِالْمَوْتِ.

[تَوَارُثُ الْمَفْقُودِينَ]
; وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الَّذِينَ يُفْقَدُونَ فِي حَرْبٍ، أَوْ غَرَقٍ، أَوْ هَدْمٍ وَلَا يُدْرَى مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ صَاحِبِهِ كَيْفَ يَتَوَارَثُونَ إِذَا كَانُوا أَهْلَ مِيرَاثٍ؟
فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ إِلَى أَنَّهُمْ لَا يُوَرَّثُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَأَنَّ مِيرَاثَهُمْ جَمِيعًا لِمَنْ بَقِيَ مِنْ قَرَابَتِهِمُ الْوَارِثِينَ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ إِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ قَرَابَةٌ تَرِثُ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِيمَا حَكَى عَنْهُ الطَّحَاوِيُّ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 138
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست