responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 121
عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ.
وَثَبَتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ غَضَّ النَّاسُ فِي الْوَصِيَّةِ مِنَ الثُّلُثِ إِلَى الرُّبْعِ لَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ ; لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» .
وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي جَوَازِ الْوَصِيَّةِ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ لِمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ، فَإِنَّ مَالِكًا لَا يُجِيزُ ذَلِكَ وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ أَحْمَدَ، وَأَجَازَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَإِسْحَاقُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ.
وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ هَذَا الْحُكْمُ خَاصٌّ بِالْعِلَّةِ الَّتِي عَلَّلَهُ بِهَا الشَّارِعُ أَمْ لَيْسَ بِخَاصٍّ، وَهُوَ أَنْ لَا يَتْرُكَ وَرَثَتَهُ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، كَمَا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ» فَمَنْ جَعَلَ هَذَا السَّبَبَ خَاصًّا وَجَبَ أَنْ يَرْتَفِعَ الْحُكْمُ بِارْتِفَاعِ هَذِهِ الْعِلَّةِ، وَمَنْ جَعَلَ الْحُكْمَ عِبَادَةً وَإِنْ كَانَ قَدْ عَلَّلَ بِعِلَّةٍ، أَوْ جَعَلَ جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ فِي هَذَا الْمَعْنَى بِمَنْزِلَةِ الْوَرَثَةِ، قَالَ: لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِإِطْلَاقٍ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ.
الْقَوْلُ فِي الْمَعْنَى الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ الْوَصِيَّةِ وَالْوَصِيَّةُ بِالْجُمْلَةِ هِيَ هِبَةُ الرَّجُلِ مَالَهُ لِشَخْصٍ آخَرَ أَوْ لِأَشْخَاصٍ بَعْدَ مَوْتِهِ، أَوْ عَتْقُ غُلَامِهِ سَوَاءٌ صَرَّحَ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ أَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ، وَهَذَا الْعَقْدُ هُوَ مِنَ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ بِاتِّفَاقٍ (أَعْنِي: أَنَّ لِلْمُوصِي أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا أَوْصَى بِهِ) إِلَّا الْمُدَبَّرَ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ التَّدْبِيرِ.
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ لِلْمُوصَى لَهُ إِلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي.
وَاخْتَلَفُوا فِي قَبُولِ الْمُوصَى لَهُ هَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا أَمْ لَا؟ فَقَالَ مَالِكٌ: قَبُولُ الْمُوصَى لَهُ إِيَّاهَا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ، وَرُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ الْقَبُولُ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا، وَمَالِكٌ شَبَّهَهَا بِالْهِبَةِ.

[الْقِسْمُ الثَّانِي الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الوصايا]
الْقَوْلُ فِي الْأَحْكَامِ وَهَذِهِ الْأَحْكَامُ مِنْهَا لَفْظِيَّةٌ، وَمِنْهَا حِسَابِيَّةٌ، وَمِنْهَا حُكْمِيَّةٌ.
فَمِنْ مَسَائِلِها الْمَشْهُورَةِ الْحُكْمِيَّةِ، اخْتِلَافُهُمْ فِي حُكْمِ مَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِرَجُلٍ وَعَيَّنَ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ فِي مَالِهِ مِمَّا هُوَ الثُّلُثُ، فَقَالَ الْوَرَثَةُ: ذَلِكَ الَّذِي عَيَّنَ أَكْثَرُ مِنَ الثُّلُثِ، فَقَالَ مَالِكٌ: الْوَرَثَةُ مُخَيَّرُونَ بَيْنَ أَنْ يُعْطُوهُ ذَلِكَ الَّذِي عَيَّنَهُ الْمُوصِي أَوْ يُعْطُوهُ الثُّلُثَ مِنْ جَمِيعِ مَالِ الْمَيِّتِ، وَخَالَفَهُ فِي ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَحْمَدُ، وَدَاوُدُ.
وَعُمْدَتُهُمْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ قَدْ وَجَبَتْ لِلْمُوصَى لَهُ بِمَوْتِ الْمُوصِي وَقَبُولِهِ إِيَّاهَا بِاتِّفَاقٍ، فَكَيْفَ يُنْقُلُ عَنْ مِلْكِهِ مَا وَجَبَ لَهُ بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ، وَتُغَيَّرُ الْوَصِيَّةُ.
وَعُمْدَةُ مَالِكٍ إِمْكَانُ صِدْقِ

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 121
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست