responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 116
يَجُوزُ وَكَأَنَّ مَالِكًا جَعَلَ الْعُرْفَ فِيهَا بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ وَهُوَ ثَوَابُ مِثْلِهَا، وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَ الْقَوْلُ عِنْدَهُمْ إِذَا لَمْ يَرْضَ الْوَاهِبُ بِالثَّوَابِ مَا الْحُكْمُ؟ فَقِيلَ تَلْزَمُهُ الْهِبَةُ إِذَا أَعْطَاهُ الْمَوْهُوبُ الْقِيمَةَ، وَقِيلَ لَا تَلْزَمُهُ إِلَّا أَنْ يُرْضِيَهُ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَعْدُ، فَإِذَا اشْتُرِطَ فِيهِ الرِّضَا فَلَيْسَ هُنَالِكَ بَيْعٌ انْعَقَدَ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ. وَأَمَّا إِذَا أُلْزِمَ الْقِيمَةَ فَهُنَالِكَ بَيْعٌ انْعَقَدَ، وَإِنَّمَا يَحْمِلُ مَالِكٌ الْهِبَةَ عَلَى الثَّوَابِ إِذَا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، وَخُصُوصًا إِذَا دَلَّتْ قَرِينَةُ الْحَالِ عَلَى ذَلِكَ مِثْلَ أَنْ يَهَبَ الْفَقِيرُ لِلْغَنِيِّ، أَوْ لِمَنْ يَرَى أَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ بِذَلِكَ الثَّوَابَ.
وَأَمَّا هِبَاتُ الْمَنَافِعِ: فَمِنْهَا مَا هِيَ مُؤَجَّلَةٌ، وَهَذِهِ تُسَمَّى عَارِيَةً وَمِنْحَةً وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَمِنْهَا مَا يُشْتَرَطُ فِيهَا مَا بَقِيَتْ حَيَاةُ الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَهَذِهِ تُسَمَّى الْعُمْرَى، مِثْلَ أَنْ يَهَبَ رَجُلٌ رَجُلًا سُكْنَى دَارٍ حَيَاتَهُ، وَهَذِهِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهَا هِبَةٌ مَبْتُوتَةٌ: أَيْ أنها هِبَةٌ لِلرَّقَبَةِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُعْمَرِ فِيهَا إِلَّا الْمَنْفَعَةُ، فَإِذَا مَاتَ عَادَتِ الرَّقَبَةُ لِلْمُعْمِرِ أَوْ إِلَى وَرَثَتِهِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ، وَعِنْدَهُ أَنَّهُ إِنْ ذَكَرَ الْعَقِبَ عَادَتْ إِذَا انْقَطَعَ الْعَقِبُ إِلَى الْمُعْمِرِ أَوْ إِلَى وَرَثَتِهِ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ إِذَا قَالَ: هِيَ عُمْرَى لَكَ وَلِعَقِبِكَ كَانَتِ الرَّقَبَةُ مِلْكًا لِلْمُعْمَرِ، فَإِذَا لَمْ يُذْكَرِ الْعَقِبُ عَادَتِ الرَّقَبَةُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُعْمَرِ لِلْمُعْمِرِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ، وَبِهِ قَالَ دَاوُدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ.
وَسَبَبُ الْخِلَافِ فِي هَذَا الْبَابِ اخْتِلَافُ الْآثَارِ، وَمُعَارَضَةُ الشَّرْطِ وَالْعَمَلِ لِلْأَثَرِ.
أَمَّا الْأَثَرُ فَفِي ذَلِكَ حَدِيثَانِ:
أَحَدُهُمَا مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَيُّمَا رَجُلٍ أُعْمِرَ عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ فَإِنَّهَا لِلَّذِي يُعْطَاهَا، لَا تَرْجِعُ إِلَى الَّذِي أَعْطَاهَا أَبَدًا ; لِأَنَّهُ أَعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ» .
وَالْحَدِيثُ الثَّانِي: حَدِيثُ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ وَلَا تُعْمِرُوهَا فَمَنْ أُعْمِرَ شَيْئًا حَيَاتَهُ فَهُوَ لَهُ حَيَاتَهُ وَمَمَاتَهُ» .

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 116
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست