responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 10
وَلَا عِنْدَ مَالِكٍ.
وَالشَّافِعِيُّ يَشْتَرِطُ فِي جَوَازِ اسْتِئْجَارِ الْمَنْفَعَةِ أَنْ تَكُونَ مُتَقَوِّمَةً عَلَى انْفِرَادِهَا، فَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ تُفَّاحَةٍ لِلشَّمِّ، وَلَا طَعَامٍ لِتَزْيِينِ الْحَانُوتِ; إِذْ هَذِهِ الْمَنَافِعُ لَيْسَ لَهَا قِيَمٌ عَلَى انْفِرَادِهَا، فَهُوَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ، وَلَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ.
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ اخْتِلَافُ الْمَذْهَبِ فِي إِجَارَةِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ.
وَبِالْجُمْلَةِ: كُلُّ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ: فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَصِحُّ إِجَارَةُ هَذَا الْجِنْسِ وَهُوَ قَرْضٌ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الْأَبْهَرِيُّ، وَغَيْرُهُ يزعم أَنَّ ذَلِكَ يَصِحُّ وَتَلْزَمُ الْأُجْرَةُ فِيهِ، وَإِنَّمَا مَنَعَ مَنْ إِجَارَتَهَا; لِأَنَّهُ لَمْ يَتَصَوَّرْ فِيهَا مَنْفَعَةً إِلَّا بِإِتْلَافِ عَيْنِهَا; وَمَنْ أَجَازَ إِجَارَتَهَا تَصَوَّرَ فِيهَا مَنْفَعَةً، مِثْلَ أَنْ يَتَجَمَّلَ بِهَا أَوْ يَتَكَثَّرَ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُتَصَوَّرَ فِي هَذَا الْبَابِ، فَهَذِهِ هِيَ مَشْهُورَاتُ مَسَائِلِ الْخِلَافِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِجِنْسِ الْمَنْفَعَةِ.
وَأَمَّا مَسَائِلُ الْخِلَافِ الْمُتَعَلِّقَةُ بِجِنْسِ الثَّمَنِ فَهِيَ مَسَائِلُ الْخِلَافِ الْمُتَعَلِّقَةُ بِمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا فِي الْمَبِيعَاتِ وَمَا لَا يَجُوزُ.
وَمِمَّا وَرَدَ النَّهْيُ فِيهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ مَا رُوِيَ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ عَسِيبِ الْفَحْلِ، وَعَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ، وَعَنْ قَفِيزِ الطَّحَّانِ» . قَالَ الطَّحَاوِيُّ: وَمَعْنَى نَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَفِيزِ الطَّحَّانِ هُوَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ دَفْعِ الْقَمْحِ إِلَى الطَّحَّانِ بِجُزْءٍ مِنَ الدَّقِيقِ الَّذِي يَطْحَنُهُ، قَالُوا: وَهَذَا لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا، وَهُوَ اسْتِئْجَارٌ مِنَ الْمُسْتَأْجِرِ بِعَيْنٍ لَيْسَ عِنْدَهُ، وَلَا هِيَ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَكُونُ دُيُونًا عَلَى الذِّمَمِ، وَوَافَقَهُ الشَّافِعِيُّ عَلَى هَذَا. وَقَالَ أَصْحَابُهُ: لَوِ اسْتَأْجَرَ السَّلَّاخَ بِالْجِلْدِ وَالطَّحَّانَ بِالنُّخَالَةِ، أَوْ بِصَاعٍ مِنَ الدَّقِيقِ فَسَدَ لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَفِيزِ الطَّحَّانِ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ جَائِزٌ; لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى جُزْءٍ مِنَ الطَّعَامِ مَعْلُومٍ، وَأُجْرَةُ الطَّحَّانِ ذَلِكَ الْجُزْءُ وَهُوَ مَعْلُومٌ أَيْضًا.
وَأَمَّا كَسْبُ الْحَجَّامِ: فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى تَحْرِيمِهِ، وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَقَالُوا: كَسْبُهُ رَدِيءٌ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هُوَ مُبَاحٌ.
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ تَعَارُضُ الْآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ:
فَمَنْ رَأَى أَنَّهُ حَرَامٌ: احْتَجَّ بِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مِنَ السُّحْتِ كَسْبُ الْحَجَّامِ» ، وَبِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَسْبَ الْحَجَّامِ» . وَرُوِيَ «عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: اشْتَرَى أَبِي حَجَّامًا فَكَسَرَ مَحَاجِمَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: لِمَ يَا أَبَتِ كَسَرْتَهَا؟ فَقَالَ: " إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ» .

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 10
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست