responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 85
الْمُعْتَبَرُ فِيهِ الرِّجَالُ، فَإِذَا كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا كَانَ طَلَاقُهُ الْبَائِنُ الطَّلْقَةَ الثَّانِيَةَ، سَوَاءٌ كَانَتِ الزَّوْجَةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً، وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَمِنَ الصَّحَابَةِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَإِنْ كَانَ اخْتُلِفَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ، لَكِنَّ الْأَشْهَرَ عَنْهُ هُوَ هَذَا الْقَوْلُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّ الِاعْتِبَارَ فِي ذَلِكَ هُوَ بِالنِّسَاءِ، فَإِذَا كَانَتِ الزَّوْجَةُ أَمَةً كَانَ طَلَاقُهَا الْبَائِنُ الطَّلْقَةَ الثَّانِيَةَ، سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا أَوْ حُرًّا، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنَ الصَّحَابَةِ: عَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَمِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ. وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ أَشَذُّ مِنْ هَذَيْنِ وَهُوَ: أَنَّ الطَّلَاقَ يُعْتَبَرُ بِرِقِّ مَنْ رَقَّ مِنْهُمَا، قَالَ ذَلِكَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ وَغَيْرُهُ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
وَسَبَبُ هَذَا الِاخْتِلَافِ: هَلِ الْمُؤَثِّرُ فِي هَذَا هُوَ رِقُّ الْمَرْأَةِ، أَوْ رِقُّ الرَّجُلِ، فَمَنْ قَالَ: التَّأْثِيرُ فِي هَذَا هُوَ لِمَنْ بِيَدِهِ الطَّلَاقُ قَالَ: يُعْتَبَرُ الرِّجَال. وَمَنْ قَالَ: التَّأْثِيرُ فِي هَذَا لِلَّذِي يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، قَالَ: هُوَ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ الْمُطَلَّقَةِ، فَشَبَّهُوهَا بِالْعِدَّةِ. وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْعِدَّةَ بِالنِّسَاءِ - أَيْ: نُقْصَانُهَا تَابِعٌ لِرِقِّ النِّسَاءِ -. وَاحْتَجَّ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ: «الطَّلَاقُ بِالرِّجَالِ، وَالْعِدَّةُ بِالنِّسَاءِ» . إِلَّا أَنَّهُ حَدِيثٌ لَمْ يَثْبُتْ فِي الصِّحَاحِ. وَأَمَّا مَنِ اعْتَبَرَ مَنْ رَقَّ مِنْهُمَا: فَإِنَّهُ جَعَلَ سَبَبَ ذَلِكَ هُوَ الرِّقُّ مُطْلَقًا، وَلَمْ يَجْعَلْ سَبَبَ ذَلِكَ لَا الذُّكُورِيَّةَ وَلَا الْأُنُوثِيَّةَ مَعَ الرِّقِّ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: وَأَمَّا كَوْنُ الرِّقِّ مُؤَثِّرًا فِي نُقْصَانِ عَدَدِ الطَّلَاقِ: فَإِنَّهُ حَكَى قَوْمٌ أَنَّهُ إِجْمَاعٌ. وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ مُخَالِفُونَ فِيهِ، وَيَرَوْنَ أَنَّ الْحُرَّ وَالْعَبْدَ فِي هَذَا سَوَاءٌ. وَسَبَبُ الْخِلَافِ: مُعَارَضَةُ الظَّاهِرِ فِي هَذَا لِلْقِيَاسِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْجُمْهُورَ صَارُوا إِلَى هَذَا لِمَكَانِ قِيَاسِ طَلَاقِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ عَلَى حُدُودِهِمَا. وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى كَوْنِ الرِّقِّ مُؤَثِّرًا فِي نُقْصَانِ الْحَدِّ. أَمَّا أَهْلُ الظَّاهِرِ: فَلَمَّا كَانَ الْأَصْلُ عِنْدَهُمْ أَنَّ حُكْمَ الْعَبْدِ فِي التَّكَالِيفِ حُكْمُ الْحُرِّ إِلَّا مَا أَخْرَجَهُ الدَّلِيلُ، وَالدَّلِيلُ عِنْدَهُمْ هُوَ نَصٌّ أَوْ ظَاهِرٌ مِنَ الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ دَلِيلٌ مَسْمُوعٌ صَحِيحٌ وَجَبَ أَنْ يَبْقَى الْعَبْدُ عَلَى أَصْلِهِ، وَيُشْبِهَ أَنْ يَكُونَ قِيَاسُ الطَّلَاقِ عَلَى الْحَدِّ غَيْرَ سَدِيدٍ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِنُقْصَانِ الْحَدِّ رُخْصَةٌ لِلْعَبْدِ لِمَكَانِ نَقْصِهِ، وَأَنَّ الْفَاحِشَةَ لَيْسَتْ تَقْبُحُ مِنْهُ قُبْحَهَا مِنَ الْحُرِّ. وَأَمَّا نُقْصَانُ الطَّلَاقِ فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّغْلِيظِ، لِأَنَّ وُقُوعَ التَّحْرِيمِ عَلَى الْإِنْسَانِ بِتَطْلِيقَتَيْنِ أَغْلَظُ مِنْ وُقُوعِهِ بِثَلَاثٍ لِمَا عَسَى أَنْ يَقَعَ فِي ذَلِكَ مِنَ النَّدَمِ، وَالشَّرْعُ إِنَّمَا سَلَكَ فِي ذَلِكَ سَبِيلَ الْوَسَطِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتِ الرَّجْعَةُ دَائِمَةً بَيْنَ الزَّوْجَةِ لَعَنَتَتِ الْمَرْأَةُ وَشَقِيَتْ، وَلَوْ كَانَتِ الْبَيْنُونَةُ وَاقِعَةً فِي الطَّلْقَةِ الْوَاحِدَةِ لَعَنَتَ الزَّوْجُ مِنْ قِبَلِ النَّدَمِ، وَكَانَ ذَلِكَ عسرًا عَلَيْهِ، فَجَمَعَ اللَّهُ بِهَذِهِ الشَّرِيعَةِ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ، وَلِذَلِكَ مَا نَرَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ مَنْ أَلْزَمَ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ رَفَعَ الْحِكْمَةَ الْمَوْجُودَةَ فِي هَذِهِ السُّنَّةِ الْمَشْرُوعَةِ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 85
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست