responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 84
الْفِعْلِ، وَكَذَلِكَ اتَّفَقَ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الرِّقَّ مُؤَثِّرٌ فِي إِسْقَاطِ أَعْدَادِ الطَّلَاقِ، وَأَنَّ الَّذِي يُوجِبُ الْبَيْنُونَةَ فِي الرِّقِّ اثْنَتَانِ. وَاخْتَلَفُوا هَلْ هَذَا مُعْتَبَرٌ بِرِقِّ الزَّوْجِ، أَوْ بِرِقِّ الزَّوْجَةِ، أَمْ بِرِقِّ مَنْ رَقَّ مِنْهُمَا. فَفِي هَذَا الْبَابِ إِذَنْ ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الأُولَى: جُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ بِلَفْظِ الثَّلَاثِ حُكْمُهُ حُكْمُ الطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ. وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ وَجَمَاعَةٌ: حُكْمُهُ حُكْمُ الْوَاحِدَةِ، وَلَا تَأْثِيرَ لِلَّفْظِ فِي ذَلِكَ. وَحُجَّةُ هَؤُلَاءِ: ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] إِلَى قَوْلِهِ فِي الثَّالِثَةِ: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] وَالْمُطَلِّقُ بِلَفْظِ الثَّلَاثِ مُطَلِّقُ وَاحِدَةٍ لَا مُطَلِّقُ ثَلَاثٍ. وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ الطَّلَاقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ طَلَاقُ الثَّلَاثِ وَاحِدَةٌ فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِمْ عُمَرُ» . وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «طَلَّقَ رُكَانَةُ زَوْجَهُ ثَلَاثًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، فَحَزِنَ عَلَيْهَا حُزْنًا شَدِيدًا، فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " كَيْفَ طَلَّقْتَهَا؟ " قَالَ: طَلَّقْتُهَا ثَلَاثًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، قَالَ: إِنَّمَا تِلْكَ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ فَارْتَجِعْهَا» . وَقَدِ احْتَجَّ مَنِ انْتَصَرَ لِقَوْلِ الْجُمْهُورِ بِأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ الْوَاقِعَ فِي الصَّحِيحَيْنِ إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِهِ طَاوُسٌ، وَأَنَّ جلَّةَ أَصْحَابِهِ رَوَوْا عَنْهُ لُزُومَ الثَّلَاثِ، مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَعَطَاءٌ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَجَمَاعَةٌ غَيْرُهُمْ، وَأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ إِسْحَاقَ وَهْمٌ، وَإِنَّمَا رَوَى الثِّقَاتُ أَنَّهُ طَلَّقَ رُكَانَةُ زَوْجَهُ الْبَتَّةَ لَا ثَلَاثًا.
وَسَبَبُ الْخِلَافِ: هَلِ الْحُكْمُ الَّذِي جَعَلَهُ الشَّرْعُ مِنَ الْبَيْنُونَةِ لِلطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ يَقَعُ بِإِلْزَامِ الْمُكَلَّفِ نَفْسَهُ هَذَا الْحُكْمَ فِي طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ، أَمْ لَيْسَ يَقَعُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا مَا أَلْزَمَ الشَّرْعُ؟ فَمَنْ شَبَّهَ الطَّلَاقَ بِالْأَفْعَالِ الَّتِي يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ وُقُوعِهَا كَوْنُ الشُّرُوطِ الشَّرْعِيَّةِ فِيهَا كَالنِّكَاحِ وَالْبُيُوعِ قَالَ: لَا يَلْزَمُ. وَمَنْ شَبَّهَهُ بِالنُّذُورِ وَالْأَيْمَانِ الَّتِي مَا الْتَزَمَ الْعَبْدُ مِنْهَا لَزِمَهُ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَ ; أَلْزَمَ الطَّلَاقَ كَيْفَمَا أَلْزَمَهُ الْمُطَلِّقُ نَفْسَهُ.
وَكَأَنَّ الْجُمْهُورَ غَلَّبُوا حُكْمَ التَّغْلِيظِ فِي الطَّلَاقِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ، وَلَكِنْ تَبْطُلُ بِذَلِكَ الرُّخْصَةُ الشَّرْعِيَّةُ وَالرِّفْقُ الْمَقْصُودُ فِي ذَلِكَ - أَعْنِي: فِي قَوْله تَعَالَى: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1] .

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي اعْتِبَارِ نَقْصِ عَدَدِ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ بِالرِّقِّ: فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ:

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 84
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست