responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 35
اخْتِلَافِهِمْ مُعَارَضَةُ الْعُمُومِ لِلْقِيَاسِ، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا» - يَقْتَضِي الْعُمُومَ فِي كُلِّ بَكْرٍ، إِلَّا ذَاتَ الْأَبِ الَّتِي خَصَّصَهَا الْإِجْمَاعُ، إِلَّا الْخِلَافَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ. وَكَوْنُ سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ مَعْلُومًا مِنْهُمُ النَّظَرُ وَالْمَصْلَحَةُ لِوَلِيَّتِهِمْ يُوجِبُ أَنْ يُلْحَقُوا بِالْأَبِ فِي هَذَا الْمَعْنَى، فَمِنْهُمْ مَنْ أَلْحَقَ بِهِ جَمِيعَ الْأَوْلِيَاءِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَلْحَقَ بِهِ الْجَدَّ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْأَبِ؛ إِذْ كَانَ أَبًا أَعْلَى، وَهُوَ الشَّافِعِيُّ.
وَمَنْ قَصَرَ ذَلِكَ عَلَى الْأَبِ رَأَى أَنَّ مَا لِلْأَبِ فِي ذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ لِغَيْرِهِ ; إِمَّا مِنْ قِبَلِ أَنَّ الشَّرْعَ خَصَّهُ بِذَلِكَ، وَإِمَّا مِنْ قِبَلِ أَنَّ مَا يُوجَدَ فِيهِ مِنَ الرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ لَا يُوجَدَ فِي غَيْرِهِ. وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَظْهَرُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - إِلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَالِكَ ضَرُورَةٌ.
وَقَدِ احْتَجَّ الْحَنَفِيَّةُ بِجَوَازِ إِنْكَاحِ الصِّغَارِ غَيْرُ الْآبَاءِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] قَالَ: وَالْيَتِيمُ لَا يَنْطَلِقُ إِلَّا عَلَى غَيْرِ الْبَالِغَةِ. وَالْفَرِيقُ الثَّانِي قَالُوا أَنَّ اسْمَ الْيَتِيمِ قَدْ يَنْطَلِقُ عَلَى بَالِغَةٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ» ، وَالْمُسْتَأْمَرَةُ هِيَ مِنْ أَهْلِ الْإِذْنِ وَهِيَ الْبَالِغَةُ، فَيَكُونُ لِاخْتِلَافِهِمْ سَبَبٌ آخَرُ، وَهُوَ اشْتِرَاكُ اسْمِ الْيَتِيمِ.
وَقَدِ احْتَجَّ أَيْضًا مَنْ لَمْ يُجِزْ نِكَاحَ غَيْرِ الْأَبِ لَهَا بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ فِي نَفْسِهَا» . قَالُوا: وَالصَّغِيرَةُ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِئْمَارِ بِاتِّفَاقٍ، فَوَجَبَ الْمَنْعُ. وَلِأُولَئِكَ أَنْ يَقُولُوا: إِنَّ هَذَا حُكْمُ الْيَتِيمَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِئْمَارِ، وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فَمَسْكُوتٌ عَنْهَا.
وَأَمَّا: هَلْ يُزَوِّجُ الْوَلِيُّ غَيْرُ الْأَبِ الصَّغِيرَ؟ فَإِنَّ مَالِكًا أَجَازَهُ لِلْوَصِيِّ، وَأَبَا حَنِيفَةَ أَجَازَهُ لِلْأَوْلِيَاءِ، إِلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ أَوْجَبَ الْخِيَارَ لَهُ إِذَا بَلَغَ، وَلَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ مَالِكٌ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ لِغَيْرِ الْأَبِ إِنْكَاحُهُ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ قِيَاسُ غَيْرِ الْأَبِ فِي ذَلِكَ عَلَى الْأَبِ؛ فَمَنْ رَأَى أَنَّ الِاجْتِهَادَ الْمَوْجُودَ فِيهِ الَّذِي جَازَ لِلْأَبِ بِهِ أَنْ يُزَوِّجَ الصَّغِيرَ مِنْ وَلَدِهِ لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِ الْأَبِ - لَمْ يُجِزْ ذَلِكَ. وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ يُوجَدُ فِيهِ أَجَازَ ذَلِكَ. وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّغِيرِ فِي ذَلِكَ وَالصَّغِيرَةِ فَلِأَنَّ الرَّجُلَ يَمْلِكُ الطَّلَاقَ إِذَا بَلَغَ وَلَا تَمْلِكُهُ الْمَرْأَةُ، وَلِذَلِكَ جَعَلَ أَبُو حَنِيفَةَ لَهُمَا الْخِيَارَ إِذَا بَلَغَا.

[الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ هَلْ يَجُوزُ عَقْدُ النِّكَاحِ عَلَى الْخِيَارِ]
وَأَمَّا الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ، وَهُوَ هَلْ يَجُوزُ عَقْدُ النِّكَاحِ عَلَى الْخِيَارِ؟ - فَإِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ يَجُوزُ.
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ تَرَدُّدُ النِّكَاحِ بَيْنَ الْبُيُوعِ الَّتِي لَا يَجُوزُ فِيهَا الْخِيَارُ، وَالْبُيُوعِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا الْخِيَارُ. أَوْ نَقُولُ: إِنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ أَنْ لَا خِيَارَ إِلَّا مَا وَقَعَ عَلَيْهِ النَّصُّ، وَعَلَى الْمُثْبِتِ لِلْخِيَارِ الدَّلِيلُ. أَوْ نَقُولُ: إِنَّ أَصْلَ مَنْعِ الْخِيَارِ فِي الْبُيُوعِ هُوَ الْغَرَرُ، وَالْأَنْكِحَةُ لَا غَرَرَ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَا الْمُكَارَمَةُ لَا الْمُكَايَسَةُ، وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ إِلَى الْخِيَارِ وَالرُّؤْيَةِ فِي النِّكَاحِ أَشَدُّ مِنْهُ فِي الْبُيُوعِ.

[الْمَوْضِعُ الرَّابِعُ تَرَاخِي الْقَبُولِ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ عَنِ عَقْدِ النكاح]
وَأَمَّا تَرَاخِي الْقَبُولِ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ عَنِ الْعَقْدِ، فَأَجَازَ مَالِكٌ مِنْ

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 35
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست