responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 20
مَالِكٌ أَنَّ مَا لَا دَمَ لَهُ فَلَيْسَ بِمَيْتَةٍ.
قَالَ الْقَاضِي: وَقَدْ تَكَلَّمْنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ، وَيَذْكُرُ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا حَدِيثًا مُخَصِّصًا لِعُمُومِ الدَّمِ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ» . وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي غَالِبِ ظَنِّي لَيْسَ هُوَ فِي الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ.
وَأَمَّا الْمُحَرَّمَاتُ لِعَيْنِهَا الْمُخْتَلَفُ فِيهَا فَأَرْبَعَةٌ:
أَحَدُهَا: لُحُومُ السِّبَاعِ مِنَ الطَّيْرِ وَمِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ.
وَالثَّانِي: ذَوَاتُ الْحَافِرِ الْإِنْسِيَّةُ.
وَالثَّالِثُ: لُحُومُ الْحَيَوَانِ الْمَأْمُورِ بِقَتْلِهِ فِي الْحَرَمِ.
وَالرَّابِعُ: لَحْمُ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي تَعَافُهَا النُّفُوسُ وَتَسْتَخْبِثُهَا بِالطَّبْعِ.
وَحَكَى أَبُو حَامِدٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُحَرِّمُ لَحْمَ الْحَيَوَانِ الْمَنْهِيِّ عَنْ قَتْلِهِ، قَالَ: كَالْخُطَّافِ وَالنَّحْلِ، فَيَكُونُ هَذَا جِنْسًا خَامِسًا مِنَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ.

فَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الأُولَى: وَهِيَ السِّبَاعُ ذَوَاتُ الْأَرْبَعِ، فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ. وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ عَوَّلَ جُمْهُورُ أَصْحَابِهِ وَهُوَ الْمَنْصُورُ عِنْدَهُمْ. وَذَكَرَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ دَلِيلُهُ أَنَّهَا عِنْدَهُ مُحَرَّمَةٌ. وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ بِعَقِبِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ: «أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَرَامٌ» ، وَعَلَى ذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا.
وَإِلَى تَحْرِيمِهَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ، وَأَشْهَبُ وَأَصْحَابُ مَالِكٍ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي جِنْسِ السِّبَاعِ الْمُحَرَّمَةِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: كُلُّ مَا أَكَلَ اللَّحْمَ فَهُوَ سَبُعٌ، حَتَّى الْفِيلُ وَالضَّبُعُ وَالْيَرْبُوعُ عِنْدَهُ مِنَ السِّبَاعِ، وَكَذَلِكَ السِّنَّوْرُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُؤْكَلُ الضَّبُعُ وَالثَّعْلَبُ، وَإِنَّمَا السِّبَاعُ الْمُحَرَّمَةُ الَّتِي تَعْدُو عَلَى النَّاسِ كَالْأَسَدِ وَالنَّمِرِ وَالذِّئْبِ، وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَذْهَبِ، وَجُمْهُورُهُمْ عَلَى أَنَّ الْقِرْدَ لَا يُؤْكَلُ وَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا أَنَّ الْكَلْبَ حَرَامٌ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ فَهِمَ مِنَ النَّهْيِ عَنْ سُؤْرِهِ نَجَاسَةَ عَيْنِهِ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي تَحْرِيمِ لُحُومِ السِّبَاعِ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ مُعَارَضَةُ الْكِتَابِ لِلْآثَارِ، وَذَلِكَ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} [الأنعام: 145] الْآيَةَ - أَنَّ مَا عَدَا الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ حَلَالٌ. وَظَاهِرُ حَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ» - أَنَّ السِّبَاعَ مُحَرَّمَةٌ. هَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 20
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست