responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 165
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: لَا يَخْتَصُّ بِقَصْدِ الْمُغَابَنَةِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ عَلَى جِهَةِ الرِّفْقِ وَهُوَ الْقَرْضُ. وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: فَهُوَ مَا يَصِحُّ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا (أَعْنِي: عَلَى قَصْدِ الْمُغَابَنَةِ، وَعَلَى قَصْدِ الرِّفْقِ) ، كَالشَّرِكَةِ، وَالْإِقَالَةِ، وَالتَّوْلِيَةِ.
وَتَحْصِيلُ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ: أَمَّا مَا كَانَ بَيْعًا وَبِعِوَضٍ فَلَا خِلَافَ فِي اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ فِيهِ، وَذَلِكَ فِي الشَّيْءِ الَّذِي يَشْتَرِطُ فِيهِ الْقَبْضَ وَاحِدٌ وَاحِدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ. وَأَمَّا مَا كَانَ خَالِصًا لِلرِّفْقِ (أَعْنِي: الْقَرْضَ) ، فَلَا خِلَافَ أَيْضًا أَنَّ الْقَبْضَ لَيْسَ شَرْطًا فِي بَيْعِهِ (أَعْنِي: أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَبِيعَ الْقَرْضَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ) . وَاسْتَثْنَى أَبُو حَنِيفَةَ مِمَّا يَكُونُ بِعِوَضٍ الْمَهْرَ، وَالْخُلْعَ، فَقَالَ: يَجُوزُ بَيْعُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ. وَأَمَّا الْعُقُودُ الَّتِي تَتَرَدَّدُ بَيْنَ قَصْدِ الرِّفْقِ وَالْمُغَابَنَةِ (وَهِيَ التَّوْلِيَةُ، وَالشَّرِكَةُ، وَالْإِقَالَةُ) ، فَإِذَا وَقَعَتْ عَلَى وَجْهِ الرِّفْقِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ الْإِقَالَةُ، أَوِ التَّوْلِيَةُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ، فَلَا خِلَافَ أَعْلَمُهُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: لَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ، وَلَا التَّوْلِيَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ عِنْدَهُمَا لِأَنَّهَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَسْخُ بَيْعٍ لَا بَيْعٌ.
فَعُمْدَةُ مَنِ اشْتَرَطَ الْقَبْضَ فِي جَمِيعِ الْمُعَاوَضَاتِ أَنَّهَا فِي مَعْنَى الْبَيْعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى مَالِكٌ مِنْ ذَلِكَ التَّوْلِيَةَ، وَالْإِقَالَةَ، وَالشَّرِكَةَ لِلْأَثَرِ وَالْمَعْنَى. أَمَّا الْأَثَرُ فَمَا رَوَاهُ مِنْ مُرْسَلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ شَرِكَةٍ، أَوْ تَوْلِيَةٍ، أَوْ إِقَالَةٍ» . وَأَمَّا مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى: فَإِنَّ هَذِهِ إِنَّمَا يُرَادُ بِهَا الرِّفْقُ لَا الْمُغَابَنَةُ إِذَا لَمْ تَدْخُلْهَا زِيَادَةٌ أَوْ نُقْصَانٌ، وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ الصَّدَاقَ، وَالْخُلْعَ، وَالْجُعْلَ، لِأَنَّ الْعِوَضَ فِي ذَلِكَ لَيْسَ بَيِّنًا إِذَا لَمْ يَكُنْ عَيْنًا.

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ مَا يُبَاعُ مِنَ الطَّعَامِ مَكِيلًا وَجُزَافًا]
وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الْقَبْضِ فِيمَا بِيعَ مِنَ الطَّعَامِ جُزَافًا، فَإِنَّ مَالِكًا رَخَّصَ فِيهِ وَأَجَازَهُ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَلَمْ يُجِزْ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ. وَحُجَّتُهُمَا عُمُومُ الْحَدِيثِ الْمُتَضَمِّنِ لِلنَّهْي عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، لِأَنَّ الذَّرِيعَةَ مَوْجُودَةٌ فِي الْجُزَافِ، وَغَيْرِ الْجُزَافِ. وَمِنَ الْحُجَّةِ لَهُمَا مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: «كُنَّا فِي زَمَانِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَبْتَاعُ الطَّعَامَ جُزَافًا، فَبَعَثَ إِلَيْنَا مَنْ يَأْمُرُنَا بِانْتِقَالِهِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي ابْتَعْنَاهُ فِيهِ إِلَى مَكَانٍ سِوَاهُ قَبْلَ أَنْ نَبِيعَهُ» . قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَإِنْ كَانَ مَالِكٌ لَمْ يَرْوِ عَنْ نَافِعٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرَ الْجُزَافِ، فَقَدْ رَوَتْهُ جَمَاعَةٌ وَجَوَّدَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَغَيْرُهُ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ فِي حِفْظِ حَدِيثِ نَافِعٍ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 165
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست